أكتوبر 10، 2011

عندما أسير في الطرقات، في الجامعة عادة، ..
أصادفُ كثيراً من المشاهد التي يرتعشُ منها قلبي، تحرّك شعوري وحنيني حتى تهزّ الدّمع في عينيّ.
يصعبُ عليّ بعدها أن أحبسّ الدمعة، أو أهدئّ الرّوح، أو .. أجد مكاناً أبكي فيه ما شاء لي أن أبكي!
أو ربما ذراعين تفتحان لي دون "أفتح يا سمسم" تضمّانني، أو أصابعَ تمسحان دمعتي، وصوتاً حنوناً ينبضُ زهراء.. اهدئي.

كنتُ أعيشُ أياماً، لا أحتاجُ فيها إلى معطف، ولا قفازات، لأن كثيراً من الأحضان كانت تمدّني بالدفء، الدفء الفعلي الذي يُغنيني عن كُل معاطف الدنيا.
كنتُ أعيشُ أياماً، على ابتساماتهم فقط، دون حاجةٍ للطعام، كان اللقاء بهم، غذائي الذي أعيشُ عليه، .. لا شيء أكثر. لا شيء أكثر من مجرد ابتسامة، أو ضحكة، أو عِناق يمّد أقصى الرّوح بكُل متطلبات العيش.


ثلاثة مغلفاتٍ من السُّكر في كوب صغيرٍ من الكابتشينو، لم تؤثر في مرارته.
أحملُ كوبي، وأجلس على طاولةٍ شاغرة،
رشفة، رشفتان، هذه القهوّة ليست سيئة، بل هي حُلوةٌ في مرارتها، بل ليس هُنالك أي فرق، عندما تُصبحُ معظمُ الأشياء، غيرُ مهمة.
 أفتحُ كتاباً لأقرأ، الكلمات تبدو متشابكة، لا شيء واضحٌ سوى رموزٍ بالكاد تُفكّ!
كُوب قهوةٍ آخر يُطرحُ فجأة على الطاولة، ثُم يجلس رجلُ عجوز.
يضعُ حقيبتهُ على الكرسي المجاور، ويُخرجُ دفتراً وقلماً، ويبدأ بالكتابة.

يبدو منهمكاً جدّاً في التفكير والكتابة، بيد أنه كل حينٍ يرفعُ الكوب الذي يرتعش ويرشفُ رشفةً طويلة، كَأنفاسه. تشّدني يدهُ التي تكتب، يشّدني من يكون.
أحاول أن لا أنشغل بالتفكير عنه، وأن أمنع نفسي من بدء حديثٍ معه، الكبار في السن دائماً يحبّون أن يتحدثوا عن أيام شبابهم، عن مغامراتهم، والمشاكل التي واجهتهم ونجحوا بتجاوزها. لكنّ هذا العجوز، مختلفٌ، كُلما تقاطع نظري بنظره، قرأت في عينيه.. "لا تحاولي أن تجرّبي حتى!"

في كُل مرة تتقاطعُ نظراتُنا، يمطُّ ابتسامته بصعوبة، ويتجاهلني بعدها قدر ما يُمكنه.
بعدها، يرتّب أشياءه، يلملم أفكاره الأخيرة.. وينهض.