سبتمبر 09، 2014

#خياط_العبي.

ذاك الذي سألته عن اسمه بداية الصيف، والذي قال لي بأنه مصطفى، فحييّته باسمه عندما دخلت. 
وجدتُ هناك امرأة ترتدي عباءة الكتف، وتتحدث بلهجة قروية رنانة. 
لا أعرف لماذا شعرت بالغرابة عندما سمعت النغمة القروية، وكان توقّعي بأن من ترتدي عباءة الكتف "متطورة" أكثر من الأخريات، أو ربما توقعتها أن تكون أكثرُ رقيّاً أو تهذّباً في لُغتها. لأنني بعد أن خرجت من المحل ظللت أفكر لم انصدمت أنا ذاتي من لهجتها تلك، رغم أني أعتقد بأن العباءة هي مجرد لِبس، وأن من تلبس الكتف لا يعني أنها "أفضل" بالضرورة.
ورغم هذا الاعتقاد والفكرة المنطقية التي أؤمن بها أظل أندهش من قروية لهجة المرأة ذات العباءة الكتف. وأظن أن سبب ذلك هو الإيحاءات اللا شعورية التي تقطن عقلي اللاواعي، رغم وجود الفكرة الواعية التي تنفيها منطقياً.

صديقٌ آخر عبّر لي بذات الفكرة، فهيئتي الإلكترونية أوحت له بأني أرتدي العباءة الكتف. لكنه عندما علم بأني أرتدي عباءة الرأس، أُصيب بالصدمة، وقال أن ذلك يدعوه للتحفظ معي أكثر، رغم أنه يؤمن بذات الفكرة المنطقية التي ذكرتها أعلاه.

هذان الموقفان لا يقودانني إلا للفكرة اللاشعورية المجتمعية الموجودة في أذهاننا بأن عباءة الكتف تمثل التطور، الثقافة والانفتاح، بينما عباءة الرأس تمثل التحفظ أو التديّن والإنغلاق دون الأخذ بالحسبان العقل الموجود داخل هذه العباءة. 

لكن، من جانبٍ آخر لا أنكر أن ظهور عباءة الكتف كان "تحديثا" لعباءة الرأس في فترة ما، وأظن أن أصحاب الثروة والتحرر هم من اعتنقوها أولا قبل الآخرين، لذلك نظن بأن من ترتديها تكون من تلك الطبقة من الناس. مع العلم بأن العائلات المتدينة تنتقدها وتدّعي بأنها تُفصّل الجسم ولذلك رفضَتها لفتياتها حتى انتشرت العباءة الكتف أكثر وأصبحت شائعة لدرجة أنها لم تعد شيئاً غريبا. لكن يظلّ المجتمع يحمل تلك الشحنة السالبة تجاهها وأعتقد بأن سبب ذلك هو الطريقة التي أصبحت ترتديها بعض الفتيات وهي على شكل ثوبٍ مزخرف ولافتٍ للنظر أكثر منه عباءة للستر، مما أثار تحفّظ أولئك المتدينين الذين يحملون حقدا للعباءة ومرتديها، غير مدركين أن الزمن يتغير وفي يومٍ ما سترتدي حفيدته العباءة رغماً عن أنفه. 

أمرٌ آخر وهو تحوّل ثقافتنا المجتمعية من ارتداء العباءة السوداء إلى المزخرفة إلى ذات الاستخدامات المتعددة، أي وجود عدة عباءات كل واحدةٍ تناسب المكان الذي ستزوره المرأة، فعباءة لمأتم عزاء تختلف عن عباءة حفلات الزفاف مثلا. مما يُغيّر الفكرة الأصلية عن العباءة السوداء الواحدة الاستخدام، إلى 
عباءات متعددة، تُعبّر عن المرأة التي ترتديها، وتمكّنها من عرض ذوقها عبر ما تختاره من زخارف. 
وهذه الأخيرة أصبحت الشائعة في أيامنا الحالية، إذ أن تغيُّر مفهوم العباءة لدى الفتيات كونها شيئا يعبّر عنهنّ أكثر من السابق كحقيبة اليد، ويرتدينها كالملابس ليظهروا بحلّةٍ لائقةٍ أكثر لكل مناسبة، غيّر نظرة المجتمع تجاهها وأصبح يصنّف النساء حسب عباءاتهن، رأس أم كتف، مزخرفة أم سادة، ملونة أو سوداء، مخصرة أم واسعة.

 هذا الانقسام الواضح في مفهوم العباءة ظاهرة طبيعية تظهر على جميع المجتمعات بأشكال مختلفة، فهو قد يعزوه البعض إلى الابتعاد عن تعاليم الدين وقد يكون صحيحا بعض الشيء، إذ أن العباءة لابد أن تكون واسعة وغير شفافة وغير مُلفتة أساسا. ولكن بغض النظر عن ذلك، فـالمجتمعات في تغيّرٍ مستمر فهو ليس ثابتا في أفكاره، وهذا التحول في مفهوم العباءة واستخدامها ماهو إلا نتيجة طبيعية لحركة المجتمعات الفكرية الغير ثابتة والوقوف ضد هذه الحركة الديمومية هو مثل حجرة تقف في وسط مجرى نهر

الموضوع له جانبٌ سكيولوجي أيضا، فقد ترتدي المرأة عباءةً ذات زخارف ملفتة فقط لتجذب لها الأنظار وتقول بلا كلمات لمن يراها بأنها فتاة جريئة وفاتنة، بحيث تقوم بالتعبير عن رغبتها في كونها كذلك عبر العباءة. وهذا النوع من الاستخدام هو ما سبب الضجة حول العباءة الكتف المزخرفة الجديدة. فالفتيات وخاصة المراهقات منهنّ يرغبن في لفت الانتباه بكل الطرق الممكنة، والمتحفّظين من الرجال والنساء كذلك، يزعجهم وجود هذه الرغبة في لفت الإنتباه والطريقة التي تتم فيها والتي برأيهم تشوّه صورة الدين والحجاب. 
 
ولكن في كل الأحوال، العباءة قد تعبّر عن المرأة وأفكارها وقد لا تُعبّر، ورغم أنها قد لا تُعبّر عن أي شيء، هذا اللاتعبير يُعبِّر بحدّ ذاته. ولا يجب أن نُطلق الحُكم على المرأة من عباءتها فـ"تطور العلم لا يعني تطوّر الأخلاق".

يوليو 11، 2014

سأخذُ خيالي وأترك لكم واقعيتكم!

مجتمعاتنا العربية وخاصة مجتمعات النساء تزخر بالفضفضة والقيل والقال، وهذا الأمر ليس سيئاً إلى عندما يتحوّل إلى غِيبة. "لااااا احنا ما نغتاب، ويش ودانا إليها، احنا قاعدين ندور حل!"

هذا ما يتردد كثيراً على لسان نسائنا. نسائنا اللاتي يعتقدن بأنهن خبيرات وأخصائيات نفسيات واجتماعيات.. 
فلسطين ضاعت بنفس الطريقة، سأقولُ وقلتُ وقلنا، وهذا ما حدث وسيحدث وحادثٌ، دون الوصول لخطةٍ منهجية للحل!

ثرثراتٌ وثرثراتٌ وثرثرات، ساعتين استمع للمشكلة ولما يقولونه ويفضفضونه، وعندما اقترحتُ حلّا لنصل لنتيجة، هاجمتني بقولها أنني لا أعرفُ شيئاً ولا أفقهُ شيئاً، وأنني خياليةٌ جدّاً.. 

اعطيتها المجال، وقلت ليها أريني الواقعية التي تتحدثين عنها، ولم تمر دقائق إلا عادت الثرثرات الفارغة من جديد، ولا حل..
لبستُ عباءتي، وخرجت.. وأنا أنادي سآخذ خيالي وأترك لكم الواقعية.. 
أوجدوا الحل، إن كنتم لن تأخذوا برأيي فلا أريدُ أن أبقى!

كيف يمكنني الوصول لهم وتعريفهم بالأشياء التي تعلمتها في حل الخلافات؟
 إذا كانوا عالقين فيما حدث ويحدث وقالوا ولم نقل، ويريدون أن يجدوا حلّاً لكن كل واحدة تعتز وتفتخر بما فعلته انفراديا؟

هكذا ضاعت فلسطين!
العرب المغفلين لم يتعاونوا بما فيه الكفاية، لم يتعاونوا كفريقٍ، بل قاموا بالذي في رأسهم فُرادى، وهكذا، لم يستطيعوا التغلّب على سرطان الوطن العربي الإسلامي.. اسرائيل!

إذا كُنا نريدُ أن نسترجع فلسطين، لابدّ لنا أن نجتمع كأمةٍ واحدة، كشعب واحد، كيدٍ واحدة، الخطة الممنهجة ستكون حلّا، وبقيادة واعية وعزيمة قوية وتابعين ثقة، وواعين!

ولكن، إن كانت نساؤنا مازلن على المستوى المنحطّ والضعيف في مهارات التفاهم والتواصل وإيجاد الحلول، لن نتزحزح ولا خطوة عما نحن عليه!



يونيو 08، 2014

Nope, Sorry, Not This Time!



When I go to an event or a meeting with many new people to meet, as the other persons introduce themselves to me they mostly extend their hands to shake mine as they usually do with everyone else. If it is a man, it is that moment when I stop and apologize for religious reasons for not being able to shake theirs. Usually, they pull their hands back and apologize for not knowing. Even though I wear a Hijab (head scarf), which I expect others to know about my religious constraints but thats not always the case, the case where they have some background about Islamic rules. Rather, the case is that these new people are acting based on their background experience, and probably they have not met a muslim women before to know that shaking hands with a man is prohibited. As from my side of the story, my experience allowed me to know that most people I will meet do not know about this religious constraint, which made me gain experience from dealing with such situations.

David Hume presented a similar argument where he claimed that our knowledge and ideas came from sensory impressions (Hume, 10). I strongly agree with him on his claim, because we learn through experience, even if we read about something, we cannot realize it and fully understand it until we go through it and feel it ourselves. However, in the situation presented above, I had past experience about what's going to occur, that this new person will extend his hand as a cultural behavior and I will have to apologize and explain why not. This is a result of my previous experience that made me expect what's going to happen based on the similar situations I had before. Which is exactly what Hume claims, that “all arguments from experience are founded on the similarity, which we discover among natural objects, and by which we are induced to expect effects similar to those, which we have found to follow from such objects" (Hume, 23).

However, gaining knowledge from experiences make us confident that the coming similar experiences will hold the same effect. Hume doesn’t agree on that, he claims that  “Our confidence comes only from our previous experiences and that conclusions based on experience are never certain, but are instead fallible and contingent”. This is exemplified by the new person meeting me, he was confident that I will be shaking his hand as a culture of meeting new people, but then, after I apologize he stepped back and realized that no, its not the same here.Then he realizes that his conclusion he had based on his past experience, which is that everyone shakes hands back, should be fixed and its not absolute to everyone and every situation. In addition to that, he gained a new experience to his own, that every time he will meet a women wearing a Hijab he will probably not extend his hand to her, because he learned it already. Hume definitely mentioned that too, he said that "It is only after a long course of uniform experiments in any kind, that we attain a firm reliance and security with regard to a particular event" (Hume, 23). Meaning that we should not rely on one event or one piece of data to hold it true for a conclusion to be true. This is a very important point in Hume’s argument which explains why stereotypes occur. Stereotypes occur by using one piece of evidence gained by experience to generalize it on a whole population with similarities, which definitely doesn’t stand true for every person in that group.

In conclusion, Hume is right about his claims, we gain ideas and knowledge from our experiences in the world, we can read as much as we can but never actually know what it means until we experience it ourselves. Which, only then we can understand and realize the world, people, and situations better. It's how we become ourselves. Experience is what makes us unique from others. However, even if we experience the same situation with others, our processing and feelings about it still differs no matter how similar it is with them. 

أبريل 23، 2014

يقظة لا متناهية،
وغرقٌ في اللاوعي،
المطرُ مازال ينهمر، تدقّ قطراتهُ بلطفٍ على نافذتي.
الكلارينت الهادئ والحزين ينتشرُ صوتهُ في غرفتي، أذنيّ ويتضخّم صداه في ذاكرتي.
كما لو كان ذهني غرفة فارغة، الآن.

فارغٌ من كُلِّ شيء، ممتلئُ بأحاسيس الحكايات التي تشلّ تركيزه، وحركته.

أبريل 20، 2014

فضفضة ٢

أيامٌ حافلة.
هُناك أيام، أدنى شيء يجعلني أجنُّ حماساً وشغفاً بالحياة، أكون مليئة بالأمل والحيوية. وفي أيام أخرى، لا شيء يُثيرني مهما كانت روعته.

أستطيع أن أقول، بأن الطاقة التي أمتلئُ بها في أيام تتوزع على من حولي، والبعض الآخر ينهبها نهباً بسلبيته. وأبقى فارغة.. فارغة من الحياة.

ولكنّ الضوء في عينيك، وابتسامةٍ تشدُّ بها خدّيك يمكنهما أن يرفعا روحي. عِناقٌ أيضاً، يمكنني أن أقول أنه الوسيلة لإنعاشي، بِشُحنةِ ٢٥٠، وإعادة النبض والحياة لي.. شيئاً فشيئا.

هممم، لكنّك لست هنا. لا عينيك، ولا ابتسامتك، ولا أنت. ولذا أنا أغرقُ في شوقي، وحُزني، وصمتي في الأيام التي تفرغُ فيها روحي، أغرقُ حتى تنبعثُ شرارةً ما وتكهربُني.


خشخشة أوراق شجر، وعندليب على بُعد مدينة. نسيمٌ ربيعيٌّ دافئ، وأزهار بيضاء صغيرة. سماءٌ رماديّة ولا شمس.
تُرى كم يمكنني أن أصمد أكثر قبل أن أتفكّك؟

فضفضة ١

امتلئُ بالحكايات الكثيرة، أريد أن أحكيها كي تتسع روحي لأشياء أخرى أكثر دهشة..
الحكايات مثل أكياس التسوق، عندما نحملها فينا طويلا، تتورّم أرواحنا بعد تركها، لأن ثقلها يتركُ أثراً.

الحكاية الأولى كانت بالأمس. بينما كنت أنتظر الباص في محطة المدينة المركزية، وجاء سائق الباص الذي يأخذني للجامعة صباحاً
سألته: أنت بوب صح؟
قال: أجل
تمتمتُ: سائق باصي كل صباح،
ابتسم لي بلطف وقال: كل اثنين وثلاثاء وأربعاء، نعم!
ابتسمتُ له، وسألته سؤالا كان يراودني منذ زمن، كيف هو نظام عمل الباصات والسائقين.
أجابني أنه يعمل ثمانية ساعات في اليوم، يأخذ فرصة للراحة كل ساعتين. وأكمل أن النظام سيء، فالسائقين يبقون في المحطة ١٤ ساعة في اليوم ولا يحلصون إلا على راتب ٨ ساعات. وذلك بسبب أوقات الراحة التي تضيّع عليهم الوقت، لأن السائقين ممن يسكن خارج المدينة مثله سيحتاج أكثر من ساعتين للراحة كي يعود لبيته، لكن لعدم مقدرته على ذلك يبقى في المحطة إلى أن يأتي وقت مناوبته. وبذلك كأنه يعمل ١٤ ساعة ولكنه يحصل على راتب ٨ ساعات.

عندما سمعتُ بذلك، ساءني الوضع، شعرت بأنه الآن فتحتُ عيناي ورأيتُ ما يحصل، وفهمتُ لما بعض السائقين متعجرفين. وأدركت أنهم ليسوا كذلك، بل لأن النظام سيء، فهم يبدون كذلك.
الباص الذي ألهمني لكتابة سلسلة "فلسفة انتظار الباصات" أحزنتني حكاياتُ سائقيه.

وبينما أنا أمشي من الموقف للمنزل،  دعستُ على طرف حلزون، ومات!
وحزنت لأجله كثيراً، مسكين.. ظللتُ أتأمله قليلاً قبل أن أكمل المشيء، بعض أعضائه خرجت خارج جسمه الصغير. وبقيتُ أفكر فيه طوال الطريق.

مارس 28، 2014

لبستُ سواداً،
لم يخطر ببالي مرّة أنّي سأتلقى التعازي،
أو أرى اسم قريبٍ في قسم الوفيّات.

لطالما كان جديّ في قلبي،
يُخبرني أنه لا يستطيع أن لا يراني يوماً عندما أكونُ في الوطن،
لذلك أخاف أن أفقده وأنا بعيدة.

لم أفكر أو أخف فقد أحدٍ غيره،
وأنتِ يا خالتي،
يا مدينةً الحُبِّ والحنان،
فاجأتِني!
مذ تعافيِتِ من الخُبثِ،
اطمأنيّت!

منزلكِ العامرِ بالخيرات،
والذي يملؤنا بالسعادة كُل مرّةٍ نزوركِ فيها،
كان وطناً،
وكنتِ كعبتُه،
"بيت خالتي مدينة"،
وما يزال..
ولكن من الآن،
ستكون في الاسم نبرةُ حزنٍ
تتبعها "رحمها الله"
ورُبما دمعةٌ تسبقها الفاتحة.

في الوطن،
عندما نسمع برحيل أحد،
نذهب منزلهم لنواسيهم، لنعبّر عن وجعنا..
في الغُربة،
لا يوجد مكانٌ أذهب إليه، العزاءُ فيّ،
أتوهُ في البحث عن مكانٍ أتشاركُ فيه الحزن،
والحُزن فيّ..
وسجادتي وقُرآني هم المكان،
هم السلوةُ في الغربة.
ولو أنّي أحترقُ لأصل لأمي،
لجدّتي، وبنات خالتي وخالاتي..
لأقف معهم في العزاء، لأحتضنهم عند البكاء..
لكنّ روحي، وقلبي.. ليسوا معي،
بل هناك..
وجسدي المُعلّقُ هنا..
يتوه،
يتوه
ولا مُستقرّ له إلا الدعاء.


الفصلُ ربيعٌ،
يُخرجُ الله الحيّ من الميّت،
وتنبتُ الأزهار،
وتتلونُ الدنيا بالألوان..
وحين يأتي الخريفُ،
يُخرج الميّت من الحي..
وتذبل وتسقط الأوراق،
وتنامُ الأشجار.

وأنتِ يا خالتي تموتين في الرّبيع،
كأنه الخريف،
حين تتركين جسدكِ،
كالأوراقِ تترك غصونها،
لكنّ روحك تصعد،
وجسدكِ ينزل،
وروحي لا تعرف أي الفصول الآن،
فالرّبيعُ هنا،
والخريفُ أنتِ
لكنّها تترّقبُ الخريف،
لعلّه ربيعُكِ
فتعودين لنا.. من بعد موتٍ..
ولو في ليلنا
تُضيئي لنا بسمةً من بعد الغياب،
وتخبرينا أنه بدُعائنا
وصلتِ الجنّة.




مارس 25، 2014

لم غادرت الآن يا خالة،
مازال الوقتُ باكراً على الرحيل!

جدّي وجدّتي المفجوعان برحيلك الآن،
اللذين لم يخطر على بالهم للحظة أنك سترحلين قبلهم،
أنكِ ستصعدين قبل أرواحهم للسّماء..

وأنا المُعلقّة في أقصى الأرض،
لا أستطيع الوصول لبناتكِ كيّ أواسيهم،
معلّقة في رحلةٍ ما، بعيدةٌ حتى عمّن يضمّني،
ويواسيني في فقدك يا خالة!

بل أخفي دمعي عنهم،
كي لا أسلب به من سعادتهم شيئاً،
ابقيكِ في صدري،
وأحزن لوحدي عليكِ.

ما حالُ أمي،
وأنتِ أختها الكبيرة،
أنتِ التي اعتنيتِ بها في صغرها،
أنتِ كنتِ حضنها الذي نمت فيه..
لا أستطيع حتى أن أصل إليها لأواسيها فيك!

يا الله!
امسح على قلب جدّاي،
وأبناء خالتي وبناتها،
وأمي،
وخالاتي،

فأنت وحدك معنا جميعاً،
ورحمتك هي ما يجعل الفقد يُسراً.
لم يتركوا لها هواءً،
آذوها بأنانيتهم،
وغذّوا الحزن في صدرها، حتى تعفّن وخبُث!

صمتت وصبرت،
كتمت الحُزن عميقاً جداً،
ولم يفشه إلا ورمُها الذي نما بخبثٍ فيها،
في صدرها الذي أغلقت عليه
وبات يأكلُ من حياتها، وسعادتها، وصحّتها..

صدرها الكبير الذي أبى أن يحكي،
الذي أرضع ثمانية،
والذي غادرهم الآن،
وبقوا فاقدين له، فاقدين أمّهم.

أكل القهرُ ملامحها،
أتعبها الوجع،
لم تستطع أن تعيش أكثر،
وسط أذاهم.

ابتسامتُها الخجولة،
التي تُضيء حين تتسامرُ مع أخواتِها،
ما عادت تحملُها الأرض،
تحملها الذاكرةُ فقط.

في ابتسامتها ألفُ وجع،
لكنّها رحلت،
ولم يبق هناك ابتسامة،
فقط بقي الوجع.

إلى خالتي، مدينة مهدي..
ألف رحمة وسلام
لطالما حيّرني الموت..
كيف هو وما بعده،
وجوه الفاقدين التي يخلّفها..
لطالما تساءلتُ كيف يشعرون؟
كيف هو الفقد،
فقلبي ليس يعرف.

أصبحتُ أخافه، وأخاف الفاقدين،
أخافُ وجوههم التي لا وٍسع للابتسامة فيها.
لا استطيع أن أتخيل كيف يمتلئ القلبُ بالحزن هكذا،
ولا يحملُ مساحة حتى لبسمة؟

أخاف الأماكن التي يجلس فيها الفاقدون،
أحسّهم أشخاصاً بلا أرواح، 
ملامحهم ثابتة، هالتهم ضعيفة.. 
فقدهم الذي يبدو لي كفراغ، كثقب في الرّوح..

وأنذهل منهم، كيف يستعيدون أرواحهم تلك، ويتعايشون مع الثقب الذي خلقه الموتُ في صدورهم..
الموت!

الموتُ هذا، زارنا بالأمس، وأخذ معه خالتي، 
وخلّف لنا فقداً موجعاً، 
الآن فقط، أعرف كيف الفقد!


مارس 09، 2014

الذين يخرجون من الحرب،
يخرجون بأرواح مُنهشة،
بذاكرة مُلتهبة،
بلا كلمات.

الحربُ تسلب منّا من نحبّ قبل أن نفكر في وداعهم،
قبل أن يقولوا لنا آخر كلمات حبّهم،
قبل أن نصحو صباحاً،
على غفلة من العمر،
يموتون..
ويبقون أحياء فينا.

الحرب، لم تترك صغيراً أو كبيراً،
لم تترك أماناً للنّوم،
أو للطرقات،
أخذتُه كلّه، ولم تترك أي شيء منه لأحد.

وحدهُ الإيمانُ بقي،
بعد أن دخل الخوف كُل البيوت،
وبقيت معه حكايا الأيام الجميلة،
وضوء الشمس الساطع،
وصوت الأناشيد من حناجر الصغار..
وطعم السكاكر الملونة.

وبعد الحرب،
كيف يعيشُ الناس بأنصاف قلوب،
يخفتُ حُزنهم،
ويذهب ليعيشُ في الباب الخلفيّ لوجوههم،
بينما يعلّقون البسمة على الباب الأمامي بجانب كلمة مفتوح،
ويكملون الحياة بروحٍ متفائلة
بانتظار المجهول..



-تأثُّراً بفيلم "The Book Theif"

مارس 02، 2014

عن الزونينق آوت

عندما تكون مع أحد أو جماعة ما، والجميع يتحدثون عن موضوع معين وفجأة، يمسك ذهنك بنقطة ما ويسافر بك بعيدا عن واقعك، ويجرّد حواسّك من محيطك، وفجأة تسمع اسمك وتتوقف كل أفكارك والأكشنات التي بناها ذهنك من فكرة واحدة لوهلة  قصيرة جداً و تعود لواقعك، وتنتبه أن الجميع يحدّق بك وينتظر ردّك على السؤال الذي وُجّه لك وأنت غائب الذهن ولم تلتقطه ذاكرتك. تلك الأفكار الشاردة، هي ما يُدعى زونينق آوت، أو بالترجمة الحرفية.. خارج المنطقة.

الزونينق آوت هي حالة عصيان مدني فكري بحيث تتمرد بعض الأفكار وتُخرج الوعي "خارج منطقة" التركيز. ويبدو أنها من تأثير أجندة العقل اللاواعي الذي يهيمن على مركز العقيدة ويحاول جرّ الوعي إلى خيالات غير حقيقة لتفادي مرارة الواقع. ويتبيّن أن هنالك رغبات وأمنيات ناتجة من مركز الرّوح والذي يمدّ تلك الأفكار المتمرّدة بالطاقة.

"خارج المنطقة" هي منطقة موازية للعالم الواقعي ولكنها تحتوي على أفكار فوق الطبيعة الفيزيائية والتكنولوجية للعصر، والذي تفّوق بها العقل اللاواعي على نظيره الواعي وأدى به إلى الخروج عن السيطرة.

ويمكن النّظر لحالة الزونينق آوت من منظور آخر وهو منظور الحركة الإصلاحية والرغبة في الخروج عن المعتاد والروتيني، وتحسين الوضع الحالي. فالكثير من الأشخاص مثل (أ.ص) و (ع.م) يعبّرون أن حالة الزونينق آوت تحدث لهم عندما يعملون على شيء ممل. فالأفكار التي تأتيهم تحاول أن تصرفهم عن ملل تلك اللحظة بملء وعيهم خارج منطقة التركيز بأشياء أكثر إثارة ومتعة. فاللاوعي ذكي جداً، يعرف ما بنا ويحاول دائما تحسين شعورنا ناحية أمر ما مهما حاول وعينا منطقياً إقناعنا بانه مهم.

سينقر يذكر أن الزونينق آوت وأحلام اليقظة والتجول الفكري هم الشيء ذاته ولكنه يصنّف الأفكار أو الخيالات إلى ثلاثة أنواع، قد تكون أفكاراً سلمية متفائلة وهي التي تميل للمستقبل وتحقيق الأماني  كما يذكر (ع.م) أنه يتخيّل سيناريوهات يتمناها ويُصيغها بشكل بطوليّ. أو قد تكون أفكاراً متمرّدة متشائمة كما تصفها (ز.م) بحيث أنها تتخيل سيناريوهات موت أو حوادث سيارات أو أي شيء ينتهي بكارثة -لا سمح الله-، أو قد تكون أفكاراً متمردة عنيدة وهي التي تصرف الشخص عن متابعة أموره المهمة بحيث أنها كالذبابة لا تترك الشخص يركز، كما تذكر (أ.ص) فإنها لا تتمكن من التركيز على مذاكرتها بسبب خيالاتها العنيدة.


وهذه الأنواع الثلاثة الهاربة خارج المنطقة لها إيجابياتها ولها سلبياتها، فمن حيث السلبيات فإنها تصرف ذهن الشخص عما يجب إنجازه كما يذكر (ع.م)، بينما يرى (ر.م) أن الآلية الذهنية التلقائية في التبديل بين التركيز والزونينق آوت لتخفيف من حدة التوتر والقلق هو أمر يدهشه، فهذا المُحرّك اللاواعي يستطيع إعطاء الشخص راحة ذهنية لذيذة تلقائياً.  

وعن الإيجابيات يكمل (ر.م) اندهاشه في قدرة اللاواعي على خلق أفكار إبداعية غير مسبوقة ويعتبر هذا من الأمور التي يمكن الاستفادة منه في الفن أو العمل الإبداعي، وهنا تكمن قوّة الزونينق آوت بالنسبة لديه، استخدامها في الإبداع. 
ويقول (ع.م) أنه يشعر بالراحة عندما يدخل في حالة زونينق آوت لانها تزيد أفقه ومستوى تفكيره وتوافق (ز.م) على ذلك فهي تذكر أنه ينزل عليها الالهام من حيث لا تحتسب وأن أفكاراً غير اعتيادية تأتيها في حالة الزونينق آوت مما يوّسع ذلك مداركها الفكرية والإبداعية. 

وإيجيابيات أخرى للزونينيق آوت هي إمكانية استرجاع مواقف ماضية وإعادة فهمها بمعلومات حديثة، أو تذكّر مواقف جميلة وسعيدة ماضية للشخص مما يحسّن مزاجه كما يقول (م.م)، أو التخطيط لأمر ما في المستقبل، أو الاستلهام لمشاريع مستقبلية كما يذكر (ع.ع).

ومن جانب آخر، هناك دراسة أجريت عبر موقع (تتبّع سعادتك)، يقوم الشخص بالتسجيل فيه وتعبئة البيانات الشخصية، ومن ثم تصل للمشترك رسائل باستبيان في أوقات متفرقة من اليوم تسأله عن شعوره اللّحظي، وماذا يفعل وهل هو وحيد، وأسئلة أخرى. وبعد الانتهاء من الاستبيان يقوم الموقع بعرض المعلومات في رسم بياني مقارنا مدى سعادته بالأفعال المختلفة التي كان يقوم بها في أوقات متفرقة من يومه وحياته. وبعد تجميع ٦٥٠,٠٠٠ استبيان استخدم في الدراسة اكتشف الباحثون أن الزونينق آوت يسبب عدم السعادة أكثر مما يسبب السعادة. فعكسما نظن أن الزونينق آوت يحدث بسبب عدم رغبتنا في عيش الواقع فيقوم اللاواعي بصرف الوعي عن التركيز إلى مكان أجمل وبذلك إسعادنا وتحسين مزاجنا، تبيّن أن الأشخاص الذي يركزون على ما يفعلونه يشعرون بالسعادة أكثر من أؤلئك الذين في حالة الزونينيق آوت.

الدراسة لم تذكر الأسباب التي تؤدي لعدم السعادة أثناء الزونينق آوت لكن يمكن القول أن الخيبة التي تنتج بعد العودة من الزونينق آوت وإدراك مرور الوقت دون إنجاز أي عمل هو سبب لعدم السعادة، فعندما يأتي الأمر للإنجاز فالتركيز مطلوب والزونينق آوت غير مُحبّذ. أو ربّما التفكير في مكان أجمل أو وضع أفضل من الواقع يجعل الشخص ساخطاً على وضعه الحالي، وهذا يؤدي لعدم السعادة أيضاً.

من هنا يمكن اقتراح بعض الحلول للزونينق آوت، فكما يتّضح أنها تحدث نتيجة تمرّد الأفكار على الوعي، وهي آتية أصلا من العقل اللاواعي، يمكن من خلال الزونينق آوت تتبع رغبات وأمنيات الشخص. وعبر تحديد تلك الرغبات، أو الأفكار الإصلاحية يمكن للشخص أن يبدأ خطة لتطبيق هذه الإصلاحات. وعلى سبيل المثال، في فيلم The Secret Life of Walter Mitty البطل يمر بحالة زونينق آوت مستمرة يتخيّل فيها أنه البطل الذي يحظى بالفتاة الجميلة، وتخيّلاته البطولية نابعة من كونه شخص منطوي وأنه لم يفعل شيئاً يستحق الذكر كما يذكر في الفيلم، ويحدث أنه يفقد صورة آخر غلاف المجلة التي يعمل فيها، فيقوم بمغامرة البحث عن المصّور المتنقل لكي يسأله عن الصورة المفقودة، وفي وقت ما في نهاية الفيلم بينما هو في مغامراته تسأله الفتاة التي يحلم بها عن ما إذا كان يمرّ بالزونينق آوت مؤخرا، فيخبرها أنه لم يعد يمرّ بها مثل السابق.
الخلاصة هنا أنه عندما قام بالمغامرات الزّونية لم يعد يسافر بالزونينق آوت مثل قبل، فتحويل الأفكار والخيالات الزونيّة إلى واقع يخفف من كثرة الزونينق آوت، لأن الشخص يعيش الزونينق آوت واقعاً، ولا يحتاج إلى خيالاته كي تشعره بالإثارة.

الحل الآخر هو النظر نحو الزونينق آوت على أنه إبداع وشيء إيجابي، ومخاطبة العقل اللاواعي والاتفاق معه على أن للزونينق آوت وقت، وللتركيز وقت، وأن الزونينق آوت ليس عدوّك اللدود، بل هي حالة طبيعية تحدث لكل البشر، وقد يتطلب ذلك وقتا لترويض العقل اللاواعي فهو ذكي ويعرف دوافع الشخص وكل شيء عنه. ومن الاصل، حالة الزونينق آوت دليل على خيال الشخص الواسع، و مُتتبِّع ممتاز لرغبات ودوافع الإنسان مما يساعد على إدراك الشخص لنفسه وجعلها نقطة تحوّل في حياته.


هناك دراسة أخرى قام فيها الباحثون عبر إنشاء عدة تجارب لدراسة تأثير التلفزيون على عقول الأطفال من الناحية البيولوجية، وتأثيره على الانتباه وقدرة الطفل على التعلم. الدراسة أثبتت أن التسلسل السريع للمقاطع التلفزيونية يؤدي إلى ارتفاع تشتت الذهن عند الأطفال، ويزداد التشتت عند الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون قبل عمر الثلاث سنوات أكثر من الأطفال الذي يشاهدون بعد عمر ثلاث سنوات. وهذه الدراسة تدل على أن الجيل الجديد من الأطفال الذي يتعرّض لكميّة كبيرة من الإعلانات منذ نعومة أظافرهم سوف يعاني بنسبة عالية من التشتت الذهني، وربّما تزداد حالات متلازمة تشتت الانتباه لهذا السبب. والخطر لا يقتصر على الأطفال فقط، فالكبار معرّضون لشتت الانتباه ولكن بنسبّة أقل بكثير من الأطفال.

في النهاية، الزونينق آوت حالة طبيعية يمرّ بها الإنسان، لها إيجيابيتها ولها سلبياتها، ويمكن الاستفادة من الزونينق آوت عبر فهم رغباتنا وأمانينا ومشاعرنا أيضاً، وعند تحويلها لواقع أو فكرة ملموسة فإن ذلك أكثر ما يمكن الاستفادة منه. فوجود أفكار متمرّدة تشغل الشخص عن المهم قد يدل على وجود عدم رضا، وازدياد التشتت قد يدل على أمور أخرى. لكن الإسراف في الزونينق آوت دائماً ليس من صالح الإنسان، ولا الاستغناء عنه، فهو مصدر للإبداع والتطوير.


:)
الواجبات المدرسية. لا أعرف من أتى بهذه التسمية الغريبة. وأسّميها غريبة لأنها واجبة، لماذا هي واجبة؟

 كأن مسمياتنا تأتي بقوّة من خلفية الدين، واجب، مستحب، مكروه. واستخدام كلمة واجب لها وقع الإلزام والإجبار رغم أن الدين حثّ على التعلم لكنه لم يُجبره، لكن يبدو على عقلية السُلطة أنها تريد أن تروّض الطلاب على الطاعة، فمنذ نعومة أظافرهم وهي تفرض الأعمال المدرسية بالوجوب عليهم ولا تدع لهم فرصة الاختيار، أو حتى التفكير فيه. فهو واجب ويجب ألا تسأل لماذا هو واجب. لو قلنا أن نظام التعليم لدينا جاء مطابقاً للنظام الغربي ولاحظنا المسميات الغربية فهي لم تفرض في اسم الواجب المدرسي، فترجمة الواجب المدرسي هو العمل المنزلي. قاموا باقتران الأمر بالعمل والمنزل، وليس الواجب والمدرسة.

اختيار العمل المنزلي كتسمية ربما يعود لكونهم يريدون القول أن المدرسة هي ليست المكان الوحيد للتعلم، فهناك جزء من التعلم الذي لابدّ أن يحدث في المنزل أيضاً. وهو عمل، ويحتاج إلى جهد. لكنه ليس واجباً مدرسيا بحيث عليك أن تنجزه لأجل المدرسة وفقط، بل هو عمل منزلي، تُتمّه في وقتك خارج المدرسة.




"هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه"

هذه ليست ضِحكة، وليست ضحكة واحدة. هذه مجموعة اهتزازات عالية جداً وموجات متقاربة خرجت في آنٍ واحد لدرجة أنها تترك طنيناً مزعجاً في أذني.

هذا ما أشعر به أثناء وجودي في جَمعةِ نساء، ثرثرات وضحكات عالية. ويعود السبب لكوني شخصاً مستمعاً في تلك الأثناء مما يعرّضني للإنزعاج اكثر من العادة. فلو كنت أضحك معهم وأثرثر معهم لكنتُ أسمع صوتي وأفكاري فوق أصواتهم.

لاحظت مؤخراً حساسية أذني للأصوات مقارنة بأصحابي. فمرّة بينما كنت أشاهد في جهاز الكمبيوتر فيلما ما صديقتي، كنت كلّ حين أريد أن أرفع وأخفّض من الصوت مع تغيّر حدته في محاولة لموازتنه حسب ما يريح أذني. بينما صديقتي كانت تريده بمستوى معين دون تغيير.

ذات الأمر يحصل عندما أصعد السيارة، كل حين أقوم بتغيير مستوى الصوت. أشعر أن مستوى الصوت يعبر إلى أفكاري، وإذا كان عاليا يقطعها، ويسبب لي طنينا.. مثل صوت المايكرفون عندما يُوجّه ناحية السماعات ويصدر ذلك الصوت الذي يؤذي السمع.. هكذا!

بعض الأشخاص الذين أعرفهم، نبراتهم عالية جداً، لا أستطيع سماع ما يقولون أحياناً لأنني أفكر بصوتهم. الأصوات العالية تسبب صدى لا أفهم آليته في ذهني لفترة طويلة، يعود ذلك أحيانا لكوني في حالة تفكير عميق، فيأتي الصوت عالياً ويرتدّ على أفكاري، يخلّف معه بصمة عليها أيضاً، ولأني عندما أفكر عميقاً أسمع الأصوات بعدما يرتدّ الصدى في ذهني بعد عدد من الثواني أو الدقائق فأسمعه مُضاعفا.

اممم، الزبدة هُنا،
أذني تئنّ.

فبراير 19، 2014

عندما أكتب كثيراً، صوتي الداخلي يعلو، تفوق اهتزازته كل الأصوات التي تحيطني، يطمس اتصالي بالأشياء. أُصبح لا أسمع إلاه. صوتي الداخلي يثرثر كثيراً لي وعنّي، يخبرني عن أشياء كثيرة أنساها سريعاً، وبعضها يلتصق بذاكرتي وأحيانا يسقط منها. بعض الأفكار تكون عميقة جداً، لدرجة أنها تعيشُ فيّ طوال اليوم، وتتسمّر في عينيّ. أغرق فيها عميقا، لدرجة عدم حواسّي بأي شيء، لا شيء. أعيش على فكرة واحدة طوال اليوم، تسلب تركيزي في الدرس، وأثناء ثرثرة الناس لي، وأثناء تصفّحي اليومي الهوسّي على شاشتي الصغيرة.
يمّر كثيرٌ من الوقت، سريعاً يمرّ، وأنا أعيش في فكرة واحدة..
صوتي الداخلي يسلب مني اللحظة الحاضرة، يسلب مني الوقت، يتأمّر عليّ، صوتي الذي يأخذني بعيداً بعيداً، بعيداً عن الناس والحواس، بعيداً بحيث يصعب عليّ أن أركز، وأذاكر بشكل متواصل، الذي أترك كل الأشياء لأجل أن أستمع له، أن أناقشه، أن أفهمه. صوتي الذي أحاول أحيانا أن أروّضه، أن أتأمر عليه، لكنه يخدعني ويجرّني إليه، أن التفت إليه لا لشيء آخر. صوتي الداخلي الأنانيّ، الذي لا يريدني إلا أن استمع له، ألا أفعل شيئا سواه. صوتي الثرثار، الذي يخبرني بأشياء كثيرة.. صوتي الذي أكتب عنه الآن، وهو لا يدري، لكنه يدري.

صوتي الذي يعلو بالكتابة، ويهدأ بالكتابة.. يعلو لأن ثرثرته أصبحت على ورق، وخرجت مني، ويبدأ ثرثرة أخرى، ويهدأ لأنه انتهى من الثرثرة عن فكرة، ليبحث عن فكرة أخرى. كأنه يلتقط الأشياء التي أمرّ عليها، وعندما أكتبها يُسقطها من وعيه. صوتّي ذكيّ، ويحب أن يحلل كثيراً، يزعجني أحيانا كثيرة، لأنه يعقدّ الأمور البسيطة، ويأخذها على محامل كثيرة لا يمكن قلبي من حملها كلها.

أريد أن يهدأ صوتي قليلا، أريدُ أن أعيش هذه اللحظة، لا الماضي ولا المستقبل. 

فبراير 17، 2014

قلبٌ منشورٌ على وجهٍ

حينما يكون وجهك من الوجوه التي تشفّ ما بقلبك، صعب أن تخفي ملامحك الداخلية حيال أمر ما. أن تصمت حقاً على شيء أنت تريد أن تثرثر عنه، عيناك ستثرثر بدلا عنك. هالتك المفعمة المكبوتة تصل. أن تضحك دون رغبة، وجنتيك تعبر عن تعبك، صوتك المبحوح الذي يتعلّق بجدران حنجرتك يفشي سرّك. لأن صفحة وجهك الشفّافة تعكس كل ملامحك الداخلية، كي تخبئ منها شيئا عليك أن تخبئ وجهك. كي لا يقرأك أحد.

May 10, 2012 7:03 pm 

فبراير 16، 2014

2CELLOS - With or Without you



أنا ممن يحبّون تذوق الموسيقى، وليس كل الموسيقى. ذات يوم عثرت على وصلة موسيقى لموقع صوت غيمة (sound cloud)  فاستمعت لها وتتابعت بعدها مقاطع كثيرة، كانت من ضمنها هذه القطعة المعزوفة على آلة التشيلو، وهي آلة شبيهة بالكمان، لكنها أكبر. وهي من الآلات المفضلة لدي بعد البيانو.
وهذه المقطوعة رائعة جداً جدّا، كنتُ استمع لها في طريقي لمكان ما، وغمرتني بسعادة لا متناهية،

كأنها تحكي عن شخصين، يتناجيان، الأول يبدأ بهدوء، ربّما يعبّر عن همّه، والأخر يواسيه في همّه ويقول له لا تقلق، ستكون بخير يا عزيزي ثق بنفسك أنت تفاءل فقط وسيكون كل شيء على ما يرام، وربما الأول ييأس من حياته فيبدأ الآخر يخبره بأنه يجب عليه أن يتفاءل ولا ييأس فالهم هو مطبات وعراقيل فقط ولابّد لها أن تأتي وعليه أن يستمر، في موقف مؤثر جداً، وهو يقول له لا استطيع أن أعيش من دونك، لا تيأس، انت تجلب لي السعادة في حياتي، سأكون معك طوال الطريق، إذا يئست أنت ماذا أفعل أنا من دونك، أريد أن استمر معك في هذا الجمال، والتشيلو الآخر يعبّر عما في أعماقه من الأحاسيس. فيقوم الأول بالتفكير قليلا في نهاية المقطع، ثم يأخذ بيد الآخر، ويقول له حسنا، سوف أكون قويّا لأنك معي ولن أدع اليأس يتسرّب إلي، شُدّ على يدي. ثم يمضيان معاً يعبران مطبّات الهم بقوّة وثقة، نحو السعادة.






فبراير 13، 2014

رايلي

منذ فترة ليست بالبعيدة، تعرّفت على رايلي. رايلي هذا هو رجلٌ كبيرٌ في السن. التقيته في إحدى الأيام في كافيتيريا المكتبة. كنتُ أقرأ اعلانات الجامعة، أبحث عن شيء يثير دهشتي وفضولي، وكنتُ أرتدي حجاباً ملوناً مطبوعاً عليه علامة السلام مكررة. كان رايلي يجلس على كرسي قريب من لوحة الإعلانات وكان ينظر إلي، وكنتُ قد انتبهتُ إلى ذلك..
بعد بضع دقائق قال مرحباً، وعلّق على علامة السلام، وكم لفتت انتباه. ابتسمتُ له وشكرته، وعدتُ اقرأ في لوحة الإعلانات. كنتُ أشعر أنه يريد أن يتحدّث أكثر وبالفعل قام بذلك، بعد أقل من دقيقة من الوقت سألني من أين أنا، وتلك الأسئلة المعتادة التي دائماً ما يسألوننا إياها نحن الطلاب "الدوليين".
انتهى بي الأمر إلى الجلوس في الكرسي المقابل، والاستماع لأجوبته بعد أن أعدتُ عليه نفس الأسئلة التي سألني إياها. حكى لي أنه كان يعمل في الجيش الأمريكي، وأنه خدم في حرب فيتنام ثم العراق لسنتين قبل أن تنتهي فترة خدمته، وأنه تعرف على فتاة عراقية هناك وكم كانت جميلة جداً بالنسبة له، وأنها الآن تعيش في أمريكا، وأنه الآن يعمل كسائق حافلات المدرسة.

أظن أن حديثنا استمر لما يقارب الساعة، وكنت معظم الوقت استمع له، وهو يحاول أن يشرح نفسه لي. وسألني إذا ما كنتُ ارحب بفكرة اللقاء مرّة أخرى والتحدث مجدداً، وقلت له لا بأس بذلك، وأضاف، أريد أن أتعلم العربية أيضاً، هل يمكنك ذلك؟
رغم كبر سنه، 65 سنة تقريباً، قلت له نعم، أستطيع ذلك. وتبادلنا الـإيميلات وافترقنا.

كنتُ أفكر مليّا بعدها، في أنه كان يعمل في الجيش الأميريكي، فأنا ضد هذه المنظّمة التي تدّعي القضاء على الإرهاب، بينما هي الإرهاب بعينه، من ناحية أنّهم يتدّخلون في شؤون دول الشرق الأوسط كحماة للديمقراطية والعدل، ويدعون لتحرير الشعوب، كل ذلك لمصلحتهم عند تدهور أوضاع البلاد، يمكنهم أن يضعوا من يشاؤون في السلطة بأموالهم، وإلا فإنهم يتدخلون عسكرياً باسم الديمقراطية.

كنتُ قد سجلتُ في الترم السابق في كورس يدرس العلوم السياسية وبالتحديد موضوع العلاقات الدولية. هذا الكورس بقدر ما كان ثقيلاً، كان مفيداً جداً، فقد فتح عينيّ على كثير من الاشياء والسياسات الخارجية لأمريكا والحرب الباردة وكيف شكّلت العالم الذي نعيشه حاليا. وأدركت من خلاله سياسة الولايات المتحدة الأمريكية التي كان يفتخر بها المدرّس كثيراً، المصلحة. والمصلحة هي أول شيء يعلّمونه في العلوم السياسة، أن الدول تسعى لأمانها ومصلحتها قبل أي شيء.

الشيء الآخر الذي كنتُ أفكر فيه بعدما التقيتُ رايلي، هو تلك المرأة العراقية التي تحدث عنها، بدا لي -وهذا تحليلٌ فقط- أنه معجبٌ بها جداً، وربما أحبها أيضاً، لكنه لم يستطع تزوجها، فقد ذكر أنها تزوجت ولديها أولاد أيضا،  وذكر لي أنه غير متزوج لأنه خجولٌ جداً.
فكرتان هنا طرأتا عليّ، خشيتُ أنه يريدُ استرجاع حبه بالالتقاء معي، لأنه ذكر لي أكثر من مرة كم انا جميلة، مما أثار تحفّظي في التعامل معه. والقكرة الثانية، هي ثقافة الزواج في أمريكا والتي أساسها التواعد والحب، بحيث يبادر فيها الرجل إلى فتاة ما وطلب الخروج معها في موعد، ماذا لو كان شخصا خجولاً مثل رايلي؟ رغم أنه في الجيش وقد يكونُ سببا له في عدم الاتقاء بالنساء كثيراً، لكن خجله منعه من التعرف على أحد، والزواج. وقد فاته ذلك القطار حتما، فقط أصبح عجوزاً جداً.

التقيت مع رايلي مرتين بعد اللقاء الأول، انتبهت أنه يخاف جداً أن يقول شيئاً ولا يعجبني، أحيانا بعدما ينتهي من جملته يسرع في القول " لا تفهميني خطأ" وهو يمد يديه كالخائف. لا أعرف لماذا يخاف كثيراً، رغم أني ذكرت له أكثر من مرّة أن يقول كل شيء لديه، أنني لن أحكم عليه بشيء، ولكن يبدو أنه في قرارة نفسه يخاف أن أختفي، لأنني عندما أخبرته سأذهب للوطن صيفا صمت كثيراً، وعندما انتهى لقاؤنا تلك المرة عبّر لي أنه يريد أن نبقى على تواصلٍ للأبد. قلت له، لديك بريدي، راسلني وقتما تشاء. وفي قرارة نفسي، لم أكن أود ذلك، أشعر بالضيق كثيراً من عدد المرات التي قال لي فيها أنني جميلة، لا أحب أن يعاملني أحد بناءاً على مظهري، لدي عقل، وبه أفكار أريدُ أن أُعامل انطلاقاً منها، تماما كفلسفة الحجاب الذي أرتديه.
 وخلف ذلك، لا أؤمن بشيء يظلُّ للأبد، الأشياء إما أنها تتغير، أو تنتهي. وفي كل علاقاتي مع الناس، لا أجزم أنها تظلُّ للأبد، فعلت مرّة مسبقاً ولن أفعل ذلك مجدداً. بل أدعُ كلّ شيءٍ يحدث بعفوية، بانسيابية. بعض الأشياء عندما نخاف من حدوثها، تحدث، أنا لا أخاف أن أفقد أحداً أو أخسر صداقة أحد، لكن ما أحذره هو سوء الفهم، أو الحكم على الشخص وعلى أفكاره دون فهم النقطة التي ياتي منها.

مع رايلي، أظن أنه سيرحل إلى عيساه قبل أن يأتي الأبد.


فبراير 11، 2014

If there was something that can define me, deeply, I'd say.. Dark and twisty. This image of delusion, the unstable inner thoughts and feelings of everything. Living in a day dream everyday, all the time. The question that troubles me the most, how are you today?
with all of its complexity and high detailed answer, I have to cram it into one word that excludes everything, good, I say. I read somewhere that saying good or any positive word helps the day to be, good. and as much as I want to live that good feeling of a day, that I have been missing from my weeks, I find it hard to exactly live the day itself. I just want to pass by days that will never come back, the philosophy, and reality of days not coming back is intimidating and at the same time saddening. Sometimes I wish I can have time off of time to have time to be. Just be, this simple thing we should be practicing everyday. but having expectations falling over our shoulders, or my shoulder, heavies me, and my soul to just be. because being for me is neglecting all that and going somewhere very very far from focusing. I just want to fly with my head, my thoughts that never stop spinning my head around. I have no idea what i'm thinking, this zoning out, pausing phase from focusing, there I can find me, always. I can't define my self. the question of who am I scares me, thinking of all the stories I was part of that shaped me today, that's 21 years of life, of memories, of feelings, experience, people, heartbeats, and .. light. 

I've always looked for ways to define me for me. Its true whats being said., its a process, a journey through experience that help define ourselves, see it more clearly, and consciously. 

يناير 26، 2014

أشياء كثيرة تشغل ذهني، وفي محاولة لإبعادها أكتبُ هنا..

أشغل الموسيقى التي في جهازي، والتي لا أعرف من أين حصلتُ عليها أو من خلقها،
وكُل واحدةٍ منها تأخذني إلى مكان ما.

الأسابيع الثلاثة الماضية كانت سريعة وثقيلة جداً، كانت أول أسابيع الدراسة من ترم الشتاء، قبلها بثلاثة أسابيع كنتُ في إجازة، وكانت من أفضل الإجازات التي عشتها في الغربة. رغم أني لم أسافر إلى أي مكان، وكنتُ في بداية الإجازة أظن أنها ستكون مُرّة جداً لإني لن أكون في الوطن وبين عائلتي، لكنّني منذُ بدايتها قررتُ أن أقوم بشيء ما كل يوم، شيءٍ غير الجلوس أمام الشاشة ومشاهدة Doctor Who، وحقّاً مرّت الأيام كذلك..
كل يوم كانت لي مغامرة وثّقتها عبر صورة، وتظلّ تلك الذكريات الجميلة في ذاكرتي للأبد..

لكن بعد هذه الإجازة، جاءت الدراسة مرّة ثانية كمن أيقظني من حلم جميل، وكان صُراخها عالياً جداً ومُزعجاً، وبتُّ من بعدها أحاول جاهداً أن أبقى يقظِة، ألا أغفو لأعود لحلمي الجميل..

منذ ثلاثة أسابيع وأنا أمتعظ، وأتذمرّ، رغم أن كلّ يومٍ يختلفُ عن سابقيه، لكنّ نهاية كلّ يومٍ هو التعب. روحي لا تجد لها راحة، روحي تحتاجُ ألواناً، وشمساً، ودفئاً. فهذا الشتاء يقرصها قرصاً.

لكن لا مفرّ من هذه الغُربة، إن لم تكنّ لديّ قدرة على الصبر، فلِما أنا هُنا؟ لما أدرسُ بعيداً عن كل شيء آلفهُ.
يغزوني الحنين، وهوس الذين هم من حولي هو كله بالدراسة، الدراسة هنا هي حياتنا، ولذلك، يسألون عنها أولا، وهي آخر شيءٍ أريدُ أن أتحدث عنه، لكن ما يجمعنا هو هي، وهي ما يغلب على وجودنا أكثر من أي شيءٍ آخر.

لكن، الشجاعة هي ليست في القوة على المواصلة، بل المواصلة رغم ضعف القدرة على المواصلة.

آآآآهههههه، عاصفةُ عميقة تملؤني، وتملؤني، وسأنفجرٌ بها يوماً ما.. 

يناير 20، 2014

الذاكرة.

سجنٌ انفرادي مُظلم، أنتهي إليه عندما يصرخُ الواقع بوجهي ويتحرّش بي، وأهربُ منه إلى سجني الذي لا يصلُ إليّ فيه أحد. قد تكون الذكريات سجناً للهرب من صُراخ الواقع فعلاً، وقد تكونُ القيود التي تؤرقني واقعاً أهون من سجن الذكريات.

أحلامي كثيرة، حماسي مستمرٌ، لكن العراقيل التي تملأ الطريق تُخفف من عُلّو صوتي، وتجعلني أكثر حذراً.

الأيادي التي تصفقّ بقوةّ وحرارة، مُزعجة. تثير ضجّة كبيرة وزلازل تهزّ أغصاني التي أمدّها ليستريح عليها العصافير. لكن المطر الذي يهطل من سماء العطاء يمدّ روحي بالقوّة، ويشدّ عزيمتي إلى الثبات.

الذكرياتُ سجنٌ انفرادي، يأكل أظافري أحياناً، وأحيانا أخرى يكبّ ماءً بارداً عليّ لأصحى.