مارس 28، 2014

لبستُ سواداً،
لم يخطر ببالي مرّة أنّي سأتلقى التعازي،
أو أرى اسم قريبٍ في قسم الوفيّات.

لطالما كان جديّ في قلبي،
يُخبرني أنه لا يستطيع أن لا يراني يوماً عندما أكونُ في الوطن،
لذلك أخاف أن أفقده وأنا بعيدة.

لم أفكر أو أخف فقد أحدٍ غيره،
وأنتِ يا خالتي،
يا مدينةً الحُبِّ والحنان،
فاجأتِني!
مذ تعافيِتِ من الخُبثِ،
اطمأنيّت!

منزلكِ العامرِ بالخيرات،
والذي يملؤنا بالسعادة كُل مرّةٍ نزوركِ فيها،
كان وطناً،
وكنتِ كعبتُه،
"بيت خالتي مدينة"،
وما يزال..
ولكن من الآن،
ستكون في الاسم نبرةُ حزنٍ
تتبعها "رحمها الله"
ورُبما دمعةٌ تسبقها الفاتحة.

في الوطن،
عندما نسمع برحيل أحد،
نذهب منزلهم لنواسيهم، لنعبّر عن وجعنا..
في الغُربة،
لا يوجد مكانٌ أذهب إليه، العزاءُ فيّ،
أتوهُ في البحث عن مكانٍ أتشاركُ فيه الحزن،
والحُزن فيّ..
وسجادتي وقُرآني هم المكان،
هم السلوةُ في الغربة.
ولو أنّي أحترقُ لأصل لأمي،
لجدّتي، وبنات خالتي وخالاتي..
لأقف معهم في العزاء، لأحتضنهم عند البكاء..
لكنّ روحي، وقلبي.. ليسوا معي،
بل هناك..
وجسدي المُعلّقُ هنا..
يتوه،
يتوه
ولا مُستقرّ له إلا الدعاء.


الفصلُ ربيعٌ،
يُخرجُ الله الحيّ من الميّت،
وتنبتُ الأزهار،
وتتلونُ الدنيا بالألوان..
وحين يأتي الخريفُ،
يُخرج الميّت من الحي..
وتذبل وتسقط الأوراق،
وتنامُ الأشجار.

وأنتِ يا خالتي تموتين في الرّبيع،
كأنه الخريف،
حين تتركين جسدكِ،
كالأوراقِ تترك غصونها،
لكنّ روحك تصعد،
وجسدكِ ينزل،
وروحي لا تعرف أي الفصول الآن،
فالرّبيعُ هنا،
والخريفُ أنتِ
لكنّها تترّقبُ الخريف،
لعلّه ربيعُكِ
فتعودين لنا.. من بعد موتٍ..
ولو في ليلنا
تُضيئي لنا بسمةً من بعد الغياب،
وتخبرينا أنه بدُعائنا
وصلتِ الجنّة.




مارس 25، 2014

لم غادرت الآن يا خالة،
مازال الوقتُ باكراً على الرحيل!

جدّي وجدّتي المفجوعان برحيلك الآن،
اللذين لم يخطر على بالهم للحظة أنك سترحلين قبلهم،
أنكِ ستصعدين قبل أرواحهم للسّماء..

وأنا المُعلقّة في أقصى الأرض،
لا أستطيع الوصول لبناتكِ كيّ أواسيهم،
معلّقة في رحلةٍ ما، بعيدةٌ حتى عمّن يضمّني،
ويواسيني في فقدك يا خالة!

بل أخفي دمعي عنهم،
كي لا أسلب به من سعادتهم شيئاً،
ابقيكِ في صدري،
وأحزن لوحدي عليكِ.

ما حالُ أمي،
وأنتِ أختها الكبيرة،
أنتِ التي اعتنيتِ بها في صغرها،
أنتِ كنتِ حضنها الذي نمت فيه..
لا أستطيع حتى أن أصل إليها لأواسيها فيك!

يا الله!
امسح على قلب جدّاي،
وأبناء خالتي وبناتها،
وأمي،
وخالاتي،

فأنت وحدك معنا جميعاً،
ورحمتك هي ما يجعل الفقد يُسراً.
لم يتركوا لها هواءً،
آذوها بأنانيتهم،
وغذّوا الحزن في صدرها، حتى تعفّن وخبُث!

صمتت وصبرت،
كتمت الحُزن عميقاً جداً،
ولم يفشه إلا ورمُها الذي نما بخبثٍ فيها،
في صدرها الذي أغلقت عليه
وبات يأكلُ من حياتها، وسعادتها، وصحّتها..

صدرها الكبير الذي أبى أن يحكي،
الذي أرضع ثمانية،
والذي غادرهم الآن،
وبقوا فاقدين له، فاقدين أمّهم.

أكل القهرُ ملامحها،
أتعبها الوجع،
لم تستطع أن تعيش أكثر،
وسط أذاهم.

ابتسامتُها الخجولة،
التي تُضيء حين تتسامرُ مع أخواتِها،
ما عادت تحملُها الأرض،
تحملها الذاكرةُ فقط.

في ابتسامتها ألفُ وجع،
لكنّها رحلت،
ولم يبق هناك ابتسامة،
فقط بقي الوجع.

إلى خالتي، مدينة مهدي..
ألف رحمة وسلام
لطالما حيّرني الموت..
كيف هو وما بعده،
وجوه الفاقدين التي يخلّفها..
لطالما تساءلتُ كيف يشعرون؟
كيف هو الفقد،
فقلبي ليس يعرف.

أصبحتُ أخافه، وأخاف الفاقدين،
أخافُ وجوههم التي لا وٍسع للابتسامة فيها.
لا استطيع أن أتخيل كيف يمتلئ القلبُ بالحزن هكذا،
ولا يحملُ مساحة حتى لبسمة؟

أخاف الأماكن التي يجلس فيها الفاقدون،
أحسّهم أشخاصاً بلا أرواح، 
ملامحهم ثابتة، هالتهم ضعيفة.. 
فقدهم الذي يبدو لي كفراغ، كثقب في الرّوح..

وأنذهل منهم، كيف يستعيدون أرواحهم تلك، ويتعايشون مع الثقب الذي خلقه الموتُ في صدورهم..
الموت!

الموتُ هذا، زارنا بالأمس، وأخذ معه خالتي، 
وخلّف لنا فقداً موجعاً، 
الآن فقط، أعرف كيف الفقد!


مارس 09، 2014

الذين يخرجون من الحرب،
يخرجون بأرواح مُنهشة،
بذاكرة مُلتهبة،
بلا كلمات.

الحربُ تسلب منّا من نحبّ قبل أن نفكر في وداعهم،
قبل أن يقولوا لنا آخر كلمات حبّهم،
قبل أن نصحو صباحاً،
على غفلة من العمر،
يموتون..
ويبقون أحياء فينا.

الحرب، لم تترك صغيراً أو كبيراً،
لم تترك أماناً للنّوم،
أو للطرقات،
أخذتُه كلّه، ولم تترك أي شيء منه لأحد.

وحدهُ الإيمانُ بقي،
بعد أن دخل الخوف كُل البيوت،
وبقيت معه حكايا الأيام الجميلة،
وضوء الشمس الساطع،
وصوت الأناشيد من حناجر الصغار..
وطعم السكاكر الملونة.

وبعد الحرب،
كيف يعيشُ الناس بأنصاف قلوب،
يخفتُ حُزنهم،
ويذهب ليعيشُ في الباب الخلفيّ لوجوههم،
بينما يعلّقون البسمة على الباب الأمامي بجانب كلمة مفتوح،
ويكملون الحياة بروحٍ متفائلة
بانتظار المجهول..



-تأثُّراً بفيلم "The Book Theif"

مارس 02، 2014

عن الزونينق آوت

عندما تكون مع أحد أو جماعة ما، والجميع يتحدثون عن موضوع معين وفجأة، يمسك ذهنك بنقطة ما ويسافر بك بعيدا عن واقعك، ويجرّد حواسّك من محيطك، وفجأة تسمع اسمك وتتوقف كل أفكارك والأكشنات التي بناها ذهنك من فكرة واحدة لوهلة  قصيرة جداً و تعود لواقعك، وتنتبه أن الجميع يحدّق بك وينتظر ردّك على السؤال الذي وُجّه لك وأنت غائب الذهن ولم تلتقطه ذاكرتك. تلك الأفكار الشاردة، هي ما يُدعى زونينق آوت، أو بالترجمة الحرفية.. خارج المنطقة.

الزونينق آوت هي حالة عصيان مدني فكري بحيث تتمرد بعض الأفكار وتُخرج الوعي "خارج منطقة" التركيز. ويبدو أنها من تأثير أجندة العقل اللاواعي الذي يهيمن على مركز العقيدة ويحاول جرّ الوعي إلى خيالات غير حقيقة لتفادي مرارة الواقع. ويتبيّن أن هنالك رغبات وأمنيات ناتجة من مركز الرّوح والذي يمدّ تلك الأفكار المتمرّدة بالطاقة.

"خارج المنطقة" هي منطقة موازية للعالم الواقعي ولكنها تحتوي على أفكار فوق الطبيعة الفيزيائية والتكنولوجية للعصر، والذي تفّوق بها العقل اللاواعي على نظيره الواعي وأدى به إلى الخروج عن السيطرة.

ويمكن النّظر لحالة الزونينق آوت من منظور آخر وهو منظور الحركة الإصلاحية والرغبة في الخروج عن المعتاد والروتيني، وتحسين الوضع الحالي. فالكثير من الأشخاص مثل (أ.ص) و (ع.م) يعبّرون أن حالة الزونينق آوت تحدث لهم عندما يعملون على شيء ممل. فالأفكار التي تأتيهم تحاول أن تصرفهم عن ملل تلك اللحظة بملء وعيهم خارج منطقة التركيز بأشياء أكثر إثارة ومتعة. فاللاوعي ذكي جداً، يعرف ما بنا ويحاول دائما تحسين شعورنا ناحية أمر ما مهما حاول وعينا منطقياً إقناعنا بانه مهم.

سينقر يذكر أن الزونينق آوت وأحلام اليقظة والتجول الفكري هم الشيء ذاته ولكنه يصنّف الأفكار أو الخيالات إلى ثلاثة أنواع، قد تكون أفكاراً سلمية متفائلة وهي التي تميل للمستقبل وتحقيق الأماني  كما يذكر (ع.م) أنه يتخيّل سيناريوهات يتمناها ويُصيغها بشكل بطوليّ. أو قد تكون أفكاراً متمرّدة متشائمة كما تصفها (ز.م) بحيث أنها تتخيل سيناريوهات موت أو حوادث سيارات أو أي شيء ينتهي بكارثة -لا سمح الله-، أو قد تكون أفكاراً متمردة عنيدة وهي التي تصرف الشخص عن متابعة أموره المهمة بحيث أنها كالذبابة لا تترك الشخص يركز، كما تذكر (أ.ص) فإنها لا تتمكن من التركيز على مذاكرتها بسبب خيالاتها العنيدة.


وهذه الأنواع الثلاثة الهاربة خارج المنطقة لها إيجابياتها ولها سلبياتها، فمن حيث السلبيات فإنها تصرف ذهن الشخص عما يجب إنجازه كما يذكر (ع.م)، بينما يرى (ر.م) أن الآلية الذهنية التلقائية في التبديل بين التركيز والزونينق آوت لتخفيف من حدة التوتر والقلق هو أمر يدهشه، فهذا المُحرّك اللاواعي يستطيع إعطاء الشخص راحة ذهنية لذيذة تلقائياً.  

وعن الإيجابيات يكمل (ر.م) اندهاشه في قدرة اللاواعي على خلق أفكار إبداعية غير مسبوقة ويعتبر هذا من الأمور التي يمكن الاستفادة منه في الفن أو العمل الإبداعي، وهنا تكمن قوّة الزونينق آوت بالنسبة لديه، استخدامها في الإبداع. 
ويقول (ع.م) أنه يشعر بالراحة عندما يدخل في حالة زونينق آوت لانها تزيد أفقه ومستوى تفكيره وتوافق (ز.م) على ذلك فهي تذكر أنه ينزل عليها الالهام من حيث لا تحتسب وأن أفكاراً غير اعتيادية تأتيها في حالة الزونينق آوت مما يوّسع ذلك مداركها الفكرية والإبداعية. 

وإيجيابيات أخرى للزونينيق آوت هي إمكانية استرجاع مواقف ماضية وإعادة فهمها بمعلومات حديثة، أو تذكّر مواقف جميلة وسعيدة ماضية للشخص مما يحسّن مزاجه كما يقول (م.م)، أو التخطيط لأمر ما في المستقبل، أو الاستلهام لمشاريع مستقبلية كما يذكر (ع.ع).

ومن جانب آخر، هناك دراسة أجريت عبر موقع (تتبّع سعادتك)، يقوم الشخص بالتسجيل فيه وتعبئة البيانات الشخصية، ومن ثم تصل للمشترك رسائل باستبيان في أوقات متفرقة من اليوم تسأله عن شعوره اللّحظي، وماذا يفعل وهل هو وحيد، وأسئلة أخرى. وبعد الانتهاء من الاستبيان يقوم الموقع بعرض المعلومات في رسم بياني مقارنا مدى سعادته بالأفعال المختلفة التي كان يقوم بها في أوقات متفرقة من يومه وحياته. وبعد تجميع ٦٥٠,٠٠٠ استبيان استخدم في الدراسة اكتشف الباحثون أن الزونينق آوت يسبب عدم السعادة أكثر مما يسبب السعادة. فعكسما نظن أن الزونينق آوت يحدث بسبب عدم رغبتنا في عيش الواقع فيقوم اللاواعي بصرف الوعي عن التركيز إلى مكان أجمل وبذلك إسعادنا وتحسين مزاجنا، تبيّن أن الأشخاص الذي يركزون على ما يفعلونه يشعرون بالسعادة أكثر من أؤلئك الذين في حالة الزونينيق آوت.

الدراسة لم تذكر الأسباب التي تؤدي لعدم السعادة أثناء الزونينق آوت لكن يمكن القول أن الخيبة التي تنتج بعد العودة من الزونينق آوت وإدراك مرور الوقت دون إنجاز أي عمل هو سبب لعدم السعادة، فعندما يأتي الأمر للإنجاز فالتركيز مطلوب والزونينق آوت غير مُحبّذ. أو ربّما التفكير في مكان أجمل أو وضع أفضل من الواقع يجعل الشخص ساخطاً على وضعه الحالي، وهذا يؤدي لعدم السعادة أيضاً.

من هنا يمكن اقتراح بعض الحلول للزونينق آوت، فكما يتّضح أنها تحدث نتيجة تمرّد الأفكار على الوعي، وهي آتية أصلا من العقل اللاواعي، يمكن من خلال الزونينق آوت تتبع رغبات وأمنيات الشخص. وعبر تحديد تلك الرغبات، أو الأفكار الإصلاحية يمكن للشخص أن يبدأ خطة لتطبيق هذه الإصلاحات. وعلى سبيل المثال، في فيلم The Secret Life of Walter Mitty البطل يمر بحالة زونينق آوت مستمرة يتخيّل فيها أنه البطل الذي يحظى بالفتاة الجميلة، وتخيّلاته البطولية نابعة من كونه شخص منطوي وأنه لم يفعل شيئاً يستحق الذكر كما يذكر في الفيلم، ويحدث أنه يفقد صورة آخر غلاف المجلة التي يعمل فيها، فيقوم بمغامرة البحث عن المصّور المتنقل لكي يسأله عن الصورة المفقودة، وفي وقت ما في نهاية الفيلم بينما هو في مغامراته تسأله الفتاة التي يحلم بها عن ما إذا كان يمرّ بالزونينق آوت مؤخرا، فيخبرها أنه لم يعد يمرّ بها مثل السابق.
الخلاصة هنا أنه عندما قام بالمغامرات الزّونية لم يعد يسافر بالزونينق آوت مثل قبل، فتحويل الأفكار والخيالات الزونيّة إلى واقع يخفف من كثرة الزونينق آوت، لأن الشخص يعيش الزونينق آوت واقعاً، ولا يحتاج إلى خيالاته كي تشعره بالإثارة.

الحل الآخر هو النظر نحو الزونينق آوت على أنه إبداع وشيء إيجابي، ومخاطبة العقل اللاواعي والاتفاق معه على أن للزونينق آوت وقت، وللتركيز وقت، وأن الزونينق آوت ليس عدوّك اللدود، بل هي حالة طبيعية تحدث لكل البشر، وقد يتطلب ذلك وقتا لترويض العقل اللاواعي فهو ذكي ويعرف دوافع الشخص وكل شيء عنه. ومن الاصل، حالة الزونينق آوت دليل على خيال الشخص الواسع، و مُتتبِّع ممتاز لرغبات ودوافع الإنسان مما يساعد على إدراك الشخص لنفسه وجعلها نقطة تحوّل في حياته.


هناك دراسة أخرى قام فيها الباحثون عبر إنشاء عدة تجارب لدراسة تأثير التلفزيون على عقول الأطفال من الناحية البيولوجية، وتأثيره على الانتباه وقدرة الطفل على التعلم. الدراسة أثبتت أن التسلسل السريع للمقاطع التلفزيونية يؤدي إلى ارتفاع تشتت الذهن عند الأطفال، ويزداد التشتت عند الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون قبل عمر الثلاث سنوات أكثر من الأطفال الذي يشاهدون بعد عمر ثلاث سنوات. وهذه الدراسة تدل على أن الجيل الجديد من الأطفال الذي يتعرّض لكميّة كبيرة من الإعلانات منذ نعومة أظافرهم سوف يعاني بنسبة عالية من التشتت الذهني، وربّما تزداد حالات متلازمة تشتت الانتباه لهذا السبب. والخطر لا يقتصر على الأطفال فقط، فالكبار معرّضون لشتت الانتباه ولكن بنسبّة أقل بكثير من الأطفال.

في النهاية، الزونينق آوت حالة طبيعية يمرّ بها الإنسان، لها إيجيابيتها ولها سلبياتها، ويمكن الاستفادة من الزونينق آوت عبر فهم رغباتنا وأمانينا ومشاعرنا أيضاً، وعند تحويلها لواقع أو فكرة ملموسة فإن ذلك أكثر ما يمكن الاستفادة منه. فوجود أفكار متمرّدة تشغل الشخص عن المهم قد يدل على وجود عدم رضا، وازدياد التشتت قد يدل على أمور أخرى. لكن الإسراف في الزونينق آوت دائماً ليس من صالح الإنسان، ولا الاستغناء عنه، فهو مصدر للإبداع والتطوير.


:)
الواجبات المدرسية. لا أعرف من أتى بهذه التسمية الغريبة. وأسّميها غريبة لأنها واجبة، لماذا هي واجبة؟

 كأن مسمياتنا تأتي بقوّة من خلفية الدين، واجب، مستحب، مكروه. واستخدام كلمة واجب لها وقع الإلزام والإجبار رغم أن الدين حثّ على التعلم لكنه لم يُجبره، لكن يبدو على عقلية السُلطة أنها تريد أن تروّض الطلاب على الطاعة، فمنذ نعومة أظافرهم وهي تفرض الأعمال المدرسية بالوجوب عليهم ولا تدع لهم فرصة الاختيار، أو حتى التفكير فيه. فهو واجب ويجب ألا تسأل لماذا هو واجب. لو قلنا أن نظام التعليم لدينا جاء مطابقاً للنظام الغربي ولاحظنا المسميات الغربية فهي لم تفرض في اسم الواجب المدرسي، فترجمة الواجب المدرسي هو العمل المنزلي. قاموا باقتران الأمر بالعمل والمنزل، وليس الواجب والمدرسة.

اختيار العمل المنزلي كتسمية ربما يعود لكونهم يريدون القول أن المدرسة هي ليست المكان الوحيد للتعلم، فهناك جزء من التعلم الذي لابدّ أن يحدث في المنزل أيضاً. وهو عمل، ويحتاج إلى جهد. لكنه ليس واجباً مدرسيا بحيث عليك أن تنجزه لأجل المدرسة وفقط، بل هو عمل منزلي، تُتمّه في وقتك خارج المدرسة.




"هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه"

هذه ليست ضِحكة، وليست ضحكة واحدة. هذه مجموعة اهتزازات عالية جداً وموجات متقاربة خرجت في آنٍ واحد لدرجة أنها تترك طنيناً مزعجاً في أذني.

هذا ما أشعر به أثناء وجودي في جَمعةِ نساء، ثرثرات وضحكات عالية. ويعود السبب لكوني شخصاً مستمعاً في تلك الأثناء مما يعرّضني للإنزعاج اكثر من العادة. فلو كنت أضحك معهم وأثرثر معهم لكنتُ أسمع صوتي وأفكاري فوق أصواتهم.

لاحظت مؤخراً حساسية أذني للأصوات مقارنة بأصحابي. فمرّة بينما كنت أشاهد في جهاز الكمبيوتر فيلما ما صديقتي، كنت كلّ حين أريد أن أرفع وأخفّض من الصوت مع تغيّر حدته في محاولة لموازتنه حسب ما يريح أذني. بينما صديقتي كانت تريده بمستوى معين دون تغيير.

ذات الأمر يحصل عندما أصعد السيارة، كل حين أقوم بتغيير مستوى الصوت. أشعر أن مستوى الصوت يعبر إلى أفكاري، وإذا كان عاليا يقطعها، ويسبب لي طنينا.. مثل صوت المايكرفون عندما يُوجّه ناحية السماعات ويصدر ذلك الصوت الذي يؤذي السمع.. هكذا!

بعض الأشخاص الذين أعرفهم، نبراتهم عالية جداً، لا أستطيع سماع ما يقولون أحياناً لأنني أفكر بصوتهم. الأصوات العالية تسبب صدى لا أفهم آليته في ذهني لفترة طويلة، يعود ذلك أحيانا لكوني في حالة تفكير عميق، فيأتي الصوت عالياً ويرتدّ على أفكاري، يخلّف معه بصمة عليها أيضاً، ولأني عندما أفكر عميقاً أسمع الأصوات بعدما يرتدّ الصدى في ذهني بعد عدد من الثواني أو الدقائق فأسمعه مُضاعفا.

اممم، الزبدة هُنا،
أذني تئنّ.