فبراير 08، 2012

تنظرُ في المرآة، عينيها الغارقتين بالكحل والمسكارا،
ترتب خُصلات شعرها للمرّة الأخيرة بأصابعها المنتهية بأظافر طويلة،
تأخذُ زُجاجة العطر، تلثمُها أولا، ثمّ تبخُّ ثلاثاً وهي لاتزالُ تنظرُ إلى صورتها المعكوسة في المرآة،

صوتٌ يأتي من خارج الغُرفة:
- هيّا حبيبتي، تأخرنا عن تشييع الجنازة!


يناير 17، 2012

حقيبتي الثقيلة التي تستند إلى ظهري، عينيّ الهائمتين في الفراغ العاطفي خاصتي، يدي اللتان تتشبثان بالمظلة، المظلة التي تنتفض من الريح، قدماي اللتين تقفزان بين برك الماء والغارقتان فيه.
قلبي القلق، روحي البعيدة، تركيزي المشتت، وجهي الذي يثرثر عن غربتي، صوتي المبحوح، المطر الذي ينهمر دون أن يتنفس.

رحمتك يا الله!

ديسمبر 25، 2011

عَصافِير

العصافير تستيقظ، تنفض نفسها عن النوم كل صباح، تزقزق لأصدقائها الذين تلعب معهم كل يوم، العصافير تحط على الشجرة لتستريح ولتختبئ في اللعب، الشجرة تُطل على نافذتي، عليّ، أنا.. أستأنس عندما أراها تلعب كل صباح.

عند المطر، تبقى العصافير في أعشاشها، أو تختبئ.. وتنسى اللعب، أو أن تمرّ على نافذتي وتؤنسني وتخلق صباحي.

ديسمبر 15، 2011

شعور المُغترب، أو إي إنسان عندما يحضرُه في لحظةٍ ما أن أحبّته يدعون له :

بخير.
-روحيَ مُتعبة، أخبرتُكَ سابقاً أنّ الغُربة تنهشُ منها بنّهم.
كان جوابه عندما سأله صديقه عبر الهاتف عن حالهِ بنبرةٍ مُبتهجة، يظنّ أنّ من يسافر خارج الوطن، مُرتاح، وسعيد، و .. بخير. لم يخطر بذهنه مرّة، أن المغتربين يعيشون في أرضٍ لا تُشبههم، وبين بشرٍ لا يفهمونهم، وفي جوٍّ مختلفٍ تماماً عمّا نشؤوا عليه.. فُرادى.

صمتَ بعدها.. مُحْرجاً، ثمّ قال:
-إنّا ندعو لكَ، أن يفرّج عنك الله، وأن يسهّل أمورك، ويُصبّرك. نحنُ نُسندُك بالدّعاء يا صديقي.

وبجملةٍ واحدة، ابتسم.. انفرج قلبُه، وارتاحت جوانُبه، وقال بنبرة معاكسةٍ للبدء:
- يا صديّق، شكراً لك، جزاك اللهُ خيّراً، أحسّ أن روحي تتنفسّ مجدداً.

كان يبتسم، لأن السّنَد، هُو كُل ما يحتاجه المغتربون، أن يشعروا بأن أحداً يحملهم، يسندُ ظهورهم بالدّعاء، يفهم احتياجهم للرّفقة، وشوقهم للأحبّة. يَسندُ بالاهتمام، يسأل عنهم، يراعي عواطفهم وأحاسيسهم المتأججة بالشوق، والوحدة، كيّ لا يحسّوا أنهم دون ظهر.

ديسمبر 14، 2011

كنتُ أقرأ قصائد لأحدهم،
وكنتُ أبحث عن قصائد الشتاء والغُربة وما يرافقهما من وجعٍ،


تفاجأتُ بها مُرتّبةً هكذا لأجلي..


ديسمبر 13، 2011

القهوةَ الداكنة التي تركتها مدفونةً في قعر الفنجان لاتزال،
تقرأ في ذاتها حكايتكَ الشتائية،
ولحن أوجاعك المكشوفة للداخل.
أستيقظُ بعد نومٍ طويلٍ وثقيل، الساعة الثانية بعد الظهر، ويدور في ذهني المتثائب: مذ متى أصبحتُ أفوّتُ الصباحات، و أستيقظ في صدر النهار!
فالأشياء التي تبدأ من المنتصف، ناقصة، لا تكتمل إلا بالبداية.
ألمّ شعري، و أغسلُ بالماء بقايا النوم،
 و بعدها تخلو يدي من كلّ شيء، أخلو من التفاصيل التي كانت تضجّ ما بين أذنيّ.
مدّ إليّ باقي النقود،
لامست أطراف أناملي أصابعه،
لكنّه ما شعر بأصابعي، لأن أصابعه كانت تتجمد برداً،
أما أصابعي فكانت تذوبُ دفئاً.

حملتُ شوقي كما هُو،
لم أجدكِ،
كان مكانُكِ شاغراً،
فخفتُ أن يملأه غيرُك،
كنت قد قلت لي، أنَكِ لن تجلسي بجانبي..
لكن شوقي أنساني،
وكنتُ كُلما سمعتُ صوتاً،
التفتُ ناحية الباب،
أظنها أنتِ تهطلين،
وظلّ المشهدُ يتكررُ مراراً كُل دقيقة!
حتى دخلتِ،
وتفتّح قلبي القلق من أن لاتأتي..
جلستِ بعيداً،
كان يفصلُ بيننا كرسيٌ واحِد، ممتلئ.
وكانت المدرّسة تشرح..
وكنتُ أفكر بكِ،
ترين السبورة بوضوح أم لا؟

تسلبنا الغُربةُ أولئك الذين نحبّ،
لأنهم يخافونها، يخافون الذين يغادرون الوطن.
قُلتِها، ستهاجرين؟
أجل، لا أريدُ لأحد أن يتوجع بغربتي..
إنها تقع على عاتِقي وحدي.
لا تحبّيني، ولا تجلسي بجانبي..


القهوة المركّزة التي احتسيها قبل المغرب لا تزيدُ من تركيزي..
هل هذه أنا؟
التي مصدرُ تركيزها كوبُ قهوة مركّزة؟
أو ربما كوبُ شاي؟
التي تستيقظُ بكسلٍ بعد وقت الظهر، وتحاول أن تلحق بالنهار قدر ما يُمكنها؟
أو التي تجلسُ أمام جهازٍ إلكتروني وتحاول أن تُثير بسمةً صغيرة على وجهٍ خلفها؟

ديسمبر 12، 2011

أكثر الغُربة صمتٌ ووحدة،
من ذا الذي سينتشلني منه بعدها؟
كانت تجلس وسط كُل تلك الثرثرات،
لم تكن تتابع أيّا منها، كانت غائبة الذّهن، بعيّدة الخاطر عن كل ما يجري حولها، 

بعد وهلة، وجهت لها إحداهن الحديث،
هي كانت تسمع، عدا أن أنفاسها كانت صامتة،
بيد أن الأخرى صمتت، كأنها تنتظرُ جواباً، 
هي.. كانت فاقدةً لحسّ الإستجابة.

الحنين كان يضجّ بأركان روحها، والغُربة أغرقتها في غياهب الصمت، عينيها اختنقتا بدموع الشّوق، أحضانُها بردت، فقدت من كان يسكنها، إحساسُها مُتلف، وخاطرها يتوّجع. أنّى لها أن تحسّ بشيء؟

ديسمبر 07، 2011

كنتِ يا صديقة تنتظرينني عند بوّابة قاعة الامتحان،
كنتُ إذا خرجت، تنشرين إليّ ذراعيّك وأرمي بنفسي عليك،
كنتِ تلملمين أشلائي بعناقكِ واحتضانكِ إليّ،
كنتِ تحملين تعبي فوق أكتافكِ، تحملين رأسي الثقيل،
وتدّفئين أصابعي الباردة من الكتابة.

واليوم خرجت من القاعة ولم يكن ينتظرني أحد،
كان شعوراً صعباً، أن أخرج بحماسة وباندفاع، وأُصفع بخيّبة أنّ لا أحد ينتظرني
أو يتلقّفني، ويلملم شتاتيّ الذّهني.

أن أخرج، وأحمل نفسي بنفسي، أن أُبقي في ذهني، أنّ لا أحد لي هُنا،
أنّ لا أحد يحملُني.

أكنتِ هناك يا صديقة؟

أكتوبر 10، 2011

عندما أسير في الطرقات، في الجامعة عادة، ..
أصادفُ كثيراً من المشاهد التي يرتعشُ منها قلبي، تحرّك شعوري وحنيني حتى تهزّ الدّمع في عينيّ.
يصعبُ عليّ بعدها أن أحبسّ الدمعة، أو أهدئّ الرّوح، أو .. أجد مكاناً أبكي فيه ما شاء لي أن أبكي!
أو ربما ذراعين تفتحان لي دون "أفتح يا سمسم" تضمّانني، أو أصابعَ تمسحان دمعتي، وصوتاً حنوناً ينبضُ زهراء.. اهدئي.

كنتُ أعيشُ أياماً، لا أحتاجُ فيها إلى معطف، ولا قفازات، لأن كثيراً من الأحضان كانت تمدّني بالدفء، الدفء الفعلي الذي يُغنيني عن كُل معاطف الدنيا.
كنتُ أعيشُ أياماً، على ابتساماتهم فقط، دون حاجةٍ للطعام، كان اللقاء بهم، غذائي الذي أعيشُ عليه، .. لا شيء أكثر. لا شيء أكثر من مجرد ابتسامة، أو ضحكة، أو عِناق يمّد أقصى الرّوح بكُل متطلبات العيش.