هذا العام، بدل أن أجلس في المجلس كمستمعة، تكفّلتُ بجمع الأطفال في الحسينية ومحاولة السيطرة على حركتهم وإزعاجهم.
في الليلةِ الأولى فتحت غرفة منفصلة تماماً عن المجلس، تركتهم يرسمون، تعرّفت على أسمائهم وسرعان ما انتهينا وعدنا.
في الليلةِ الأولى فتحت غرفة منفصلة تماماً عن المجلس، تركتهم يرسمون، تعرّفت على أسمائهم وسرعان ما انتهينا وعدنا.
في الليلة التالية، حملت الأوراق والتي كانت صوراً للتلوين مخصصة عن مجلس الحسين وتركتهم يرسمون في المجلس، ووصيتهم بالهدوء.. كانوا هادئين لدرجة ما.
وبعد نهاية المجلس وبداية العزاء، أخذتهم للغرفة المنفصلة وبدأت أسألهم عن الإمام الحسين، من هو، من أمه وأبو، ولماذا نجتمع كل ليلةٍ هنا نلبسُ السواد. وتفاجأت بمعرفتهم الشحيحة في هذا الموضوع، صُدمت بأن هؤلاء الأطفال التي تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، كل ما يظنون انهم يعرفوه عن الحسين هو غيرُ صحيح. وهكذا بدأت أشرح لهم من هو الحسين، من هي أمه وأبوه، وماذا حدث في المدينة قبل أن يذهب الكوفة، لماذا ذهب للكوفة، واستعنت بسبورةٍ بيضاء للشرح.
ليلةً بعد ليلة، وجدتُ تفاعلاً وحماساً كبيرين معي، وتركيزاً كبيراً في تفاصيل القصة التي ألقيها عليهم بشكلٍ طفوليٍ يناسب قلوبهم الرقيقة..
أخبرتهم عن حبيب والعباس والقاسم وعليٍ الأكبر، وعندما وصلت للحسين ليلة البارحة، اعترتني غصَّةٌ لم أمر بها مسبقا. كُنت في صِغري أتمعظ من القارئ عندما يصلُ لمصرع الحسين، وهو على وشك أن ينطق بكلمةٍ ولكنه يغصّ، والنساء كلها تقفُ تلطم وتبكي بصوتٍ عالٍ.. لم أكن أعرف لماذا، لم أكن أعرف ماذا جرى لأن الكلمة لا تُقال أو لا أتمكن من سماعها بسبب صوت بكاءِ النساء. والبارحة، عندما أقدمتُ لوصف ماجرى بنفسي، مرّت بي تلك الغصّة، توقفت لوهلةٍ في محاولةٍ لقولها، توقفت لوهلةٍ أخرى للتفكير في قوة الكلمة..عرفتُ تماماً مالذي يمنع القارئَ أن يلفظها، كان الاطفال ينظرون لي، ينتظرونني أن اكمل، كانوا يأملون أن الحسين استطاع النجاة والتغلب على الوجوه الشريرة القليلة التي رسمتها على السبورة..
وعندما أخبرتهم بما جرى، رأيتُ الدهشة والحُزن في وجوههم، وتذكرت، وعرفتُ تماماً أن ما صنعه الظالمين بالحسين واهله، لم يكن بشرياً، لم يكن أيّاً من الفطرة التي تُصعّبُ علينا استيعاب المشهد، لفظه أو تخيله.
وبعد نهاية المجلس وبداية العزاء، أخذتهم للغرفة المنفصلة وبدأت أسألهم عن الإمام الحسين، من هو، من أمه وأبو، ولماذا نجتمع كل ليلةٍ هنا نلبسُ السواد. وتفاجأت بمعرفتهم الشحيحة في هذا الموضوع، صُدمت بأن هؤلاء الأطفال التي تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، كل ما يظنون انهم يعرفوه عن الحسين هو غيرُ صحيح. وهكذا بدأت أشرح لهم من هو الحسين، من هي أمه وأبوه، وماذا حدث في المدينة قبل أن يذهب الكوفة، لماذا ذهب للكوفة، واستعنت بسبورةٍ بيضاء للشرح.
ليلةً بعد ليلة، وجدتُ تفاعلاً وحماساً كبيرين معي، وتركيزاً كبيراً في تفاصيل القصة التي ألقيها عليهم بشكلٍ طفوليٍ يناسب قلوبهم الرقيقة..
أخبرتهم عن حبيب والعباس والقاسم وعليٍ الأكبر، وعندما وصلت للحسين ليلة البارحة، اعترتني غصَّةٌ لم أمر بها مسبقا. كُنت في صِغري أتمعظ من القارئ عندما يصلُ لمصرع الحسين، وهو على وشك أن ينطق بكلمةٍ ولكنه يغصّ، والنساء كلها تقفُ تلطم وتبكي بصوتٍ عالٍ.. لم أكن أعرف لماذا، لم أكن أعرف ماذا جرى لأن الكلمة لا تُقال أو لا أتمكن من سماعها بسبب صوت بكاءِ النساء. والبارحة، عندما أقدمتُ لوصف ماجرى بنفسي، مرّت بي تلك الغصّة، توقفت لوهلةٍ في محاولةٍ لقولها، توقفت لوهلةٍ أخرى للتفكير في قوة الكلمة..عرفتُ تماماً مالذي يمنع القارئَ أن يلفظها، كان الاطفال ينظرون لي، ينتظرونني أن اكمل، كانوا يأملون أن الحسين استطاع النجاة والتغلب على الوجوه الشريرة القليلة التي رسمتها على السبورة..
وعندما أخبرتهم بما جرى، رأيتُ الدهشة والحُزن في وجوههم، وتذكرت، وعرفتُ تماماً أن ما صنعه الظالمين بالحسين واهله، لم يكن بشرياً، لم يكن أيّاً من الفطرة التي تُصعّبُ علينا استيعاب المشهد، لفظه أو تخيله.
السلام عليك يا أبا عبدالله وعلى الأرواح التي حلّت بفِنائك