أغسطس 28، 2010

بؤس 4

أستفيق.. أعي، ثم أفتحُ عينيّ اللتان تنظران للنافذة دون وعي، و مرسمي الواقفُ أمامها، الغرفةُ مظلمة، لا ضوء سوى ضوء الشمس الخافت الذي يضفي شيئاً من الرتابة للمنظر، مرسمي المكسوّ بالظل و الهواء الذي يحرك الستار خلفه بهدوء.
أنظر للساعة، عقاربها التي تصّوبُ رؤسها للثالثة عصراً، أنا لم أنم غير ساعتين، أحتاجُ لأبدأ اللوحة كي أنهيها بنهاية الشهر، و إن تأخرت سوف.. يأكلون من سعرها!

لا يدركون أبداً معنى الفن، أننا نحنُ المُبدعون ننتظرُ إلهاماً ما، لا نرسمُ إلا حينما نُريد!
نهضتُ من على السرير، خلّلت أصابعي في شعري للخلف بانسيابيةٍ منتعشة و أمسكتهُ مرفوعاً بأقرب فرشاة ليديّ. أكرهُ العيش تحت الضغط، فهذه أنا أترك أشيائي مبعثرة على الأرض، الكتب، الأقلام، المسودات، خطوط الرسم، مخلفات عشاء البارحة، ألوان بكلات شعر.. من الفراش إلى الأريكة أفكر فقط ماذا أرسم لهم!

السؤال الذي يؤرقني عن النوم كل مرّةٍ يطلبون فيها لوحة!

و يستعصي عليّ الأمر، فلا أنتهي من اللوحة في الوقت المحدد، سأنظّم هيأتي و أخرج، علّني أرى ما يُدهش!
ألملم أشيائي و أخرج للطرقات، لا أعلم إلى أين، يكاد مصروفي ينفذ مع انحسار أيام الشهر، كأن الأيام لا تأكل القمر فقط.. بل مصروفي و أنا!

فمهنة رسّام، تتطلّبُ فكراً متفرغاً و أفكار متوالية، أحب الرسم لي. أظل أسير، و أقف على باب مقهى.. و أدخل، أطلب القهوة من على طاولة تطلّ على الشارع، و أكتب في دفتري الذي لا يفارقني:
- السماءُ موجوعةٌ بالغيم، و الأرضُ موجوعةٌ بالجفاء!

فتراءت لي اللوحةُ التي أنشد!

هناك تعليقان (2):

  1. كلُّ الأعمال الأبداعيّة، تأخذُ شكلـًا مقيتـًا، عندما تأخذُ شكل الواجب، تتقلصُ حتى قدّرتها على الإلهام والحياة والمعنى.

    راقني النصُّ كثيرًا،

    الأفكارُ المترتبكة والمتصلة فيه، شهيّة للمتابعةوالقراءة.

    مُعبرّة جدًا هُنا، بإيحاء الرموز الطبيعة لمشاعرنا الداخلية...

    [ السماءُ موجوعةٌ بالغيم، و الأرضُ موجوعةٌ بالجفاء! ]

    ،





    عزيزتــي،
    اشقتُ لقلمكِ ،

    كوني بخيرِ جدًا.

    ردحذف
  2. نص جمــيل ..

    الطيور تمقت القيود !

    دمت بخـير

    ردحذف

علّق لي ما يدور في ذهنك مهما كان،