أكتوبر 29، 2015

هذا العام، بدل أن أجلس في المجلس كمستمعة، تكفّلتُ بجمع الأطفال في الحسينية ومحاولة السيطرة على حركتهم وإزعاجهم.
في الليلةِ الأولى فتحت غرفة منفصلة تماماً عن المجلس، تركتهم يرسمون، تعرّفت على أسمائهم وسرعان ما انتهينا وعدنا.
في الليلة التالية، حملت الأوراق والتي كانت صوراً للتلوين مخصصة عن مجلس الحسين وتركتهم يرسمون في المجلس، ووصيتهم بالهدوء.. كانوا هادئين لدرجة ما.
وبعد نهاية المجلس وبداية العزاء، أخذتهم للغرفة المنفصلة وبدأت أسألهم عن الإمام الحسين، من هو، من أمه وأبو، ولماذا نجتمع كل ليلةٍ هنا نلبسُ السواد. وتفاجأت بمعرفتهم الشحيحة في هذا الموضوع، صُدمت بأن هؤلاء الأطفال التي تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، كل ما يظنون انهم يعرفوه عن الحسين هو غيرُ صحيح. وهكذا بدأت أشرح لهم من هو الحسين، من هي أمه وأبوه، وماذا حدث في المدينة قبل أن يذهب الكوفة، لماذا ذهب للكوفة، واستعنت بسبورةٍ بيضاء للشرح.
ليلةً بعد ليلة، وجدتُ تفاعلاً وحماساً كبيرين معي، وتركيزاً كبيراً في تفاصيل القصة التي ألقيها عليهم بشكلٍ طفوليٍ يناسب قلوبهم الرقيقة..
أخبرتهم عن حبيب والعباس والقاسم وعليٍ الأكبر، وعندما وصلت للحسين ليلة البارحة، اعترتني غصَّةٌ لم أمر بها مسبقا. كُنت في صِغري أتمعظ من القارئ عندما يصلُ لمصرع الحسين، وهو على وشك أن ينطق بكلمةٍ ولكنه يغصّ، والنساء كلها تقفُ تلطم وتبكي بصوتٍ عالٍ.. لم أكن أعرف لماذا، لم أكن أعرف ماذا جرى لأن الكلمة لا تُقال أو لا أتمكن من سماعها بسبب صوت بكاءِ النساء. والبارحة، عندما أقدمتُ لوصف ماجرى بنفسي، مرّت بي تلك الغصّة، توقفت لوهلةٍ في محاولةٍ لقولها، توقفت لوهلةٍ أخرى للتفكير في قوة الكلمة..عرفتُ تماماً مالذي يمنع القارئَ أن يلفظها، كان الاطفال ينظرون لي، ينتظرونني أن اكمل، كانوا يأملون أن الحسين استطاع النجاة والتغلب على الوجوه الشريرة القليلة التي رسمتها على السبورة..
وعندما أخبرتهم بما جرى، رأيتُ الدهشة والحُزن في وجوههم، وتذكرت، وعرفتُ تماماً أن ما صنعه الظالمين بالحسين واهله، لم يكن بشرياً، لم يكن أيّاً من الفطرة التي تُصعّبُ علينا استيعاب المشهد، لفظه أو تخيله. 
السلام عليك يا أبا عبدالله وعلى الأرواح التي حلّت بفِنائك


While biking to campus today and trying to pass through the students crossing the street. I was slowing down and looking at them afraid to hit them or something, then I looked in front of me and realized there is an opening/ opportunity for me to pass without slowing down.

I came across the thought that in life there are things we're afraid of happening and cause us to look on the side, but only if we look in front of us we can see the way, opening, the opportunity to overcome that fear.

‪#‎FindLight‬

يوليو 10، 2015

النادي السعودي ٢

كان فريقي يتكون من سبعة أعضاء، كل شخصٌ منهم مسؤول عن جانب من جوانب النادي، المالية، الثقافية، الاجتماعية، شؤون الطالبات والرياضية.
كنا قد اجتمعنا غير مرّة قبل ترشّحنا لوضع النقاط على الحروف، ماذا نريد أن نغيّر ونفعّل. وكانت بحوزتنا الكثير من الأفكار التي كنا نتوق لرؤيتها على أرض الواقع.
حتى أننا طرحنا جدولاً مفترضاً لفصل الخريف، أي أسبوع نقوم بأي نشاط، حتى يكون هناك تتابع في كل ترم لهذه النشاطات.
أثناء الصيف، كنا نشعر بالإهانة كون الفريق السابق مازال متمسكاً بصلاحيات النادي مع عدم قيامهم بأي شيء يفيد الطلاب، وتعليقهم لنا لأننا لم نستطع حجز أي شيء لنشاطاتنا، وكنّا مكبلين في التواصل مع الملحقية بسببهم. رغم ذلك، بدأنا في العمل على دليل لمدينة كرفالس بالتعاون مع المعهد، الخطة كانت ترجمة دليل ما قبل الإقلاع الخاص بالمعهد، ثم إضافة معلوماتنا الخاصة عليه من نصائح في السكن، المواصلات، المطاعم وغيره. وكنتُ قد حدّثت معلومات موقع النادي ليشمل هذه المعلومات، ولكن بقي ترتيبها في الدليل ليكتمل للقادمين من خلف المحيط.

في بداية فصل الخريف وعند مدّ الجسور مع الملحقية الثقافية، وكان ذلك قبل أسبوعين من عيد الأضحى المبارك، قمت بملء نموذج الدعم المالي، وقبل ذلك كنتُ قد التزمتُ في الذهاب في رحلة إلى سان فرانسسكو والتي كنت شاردة الذهن فيها أبحث عن كيفية إقامة هذا الحفل الذي كنت قد يئستُ من إحيائه، وظهر لي من العدم.
تواصلت مع عدة مطاعم، وكان مندي هاوس هو ما تم ترشيحه، حجزت القاعة، اتصلت بمكتب الزينة لأعرف الأسعار، بحثت عن محلات لألعاب الأطفال، قد تبدو هذه الأمور سهلة، لكنها لم تكن كذلك، لأنها أتت بشكل مفاجئ.
بعد عودتي من رحلة سان فرانسسكو يوم السبت السابق لأول أسبوع دراسة، التقيت باثنين من فريقي لمناقشة الحفل وتفاصيله، بقية الفريق لم يعودوا من عند أهاليهم بعد، من بين سبعة أشخاص، كان لدي اثنين للعمل معهم.

أسبوعٌ فقط يفصلنا عن أول نشاط لي، ولفريقي.. عدم تواجدهم سبب لي قلقاً..
الملحقية لم ترسل لي الدعم المالي بعد. هل أنشر الإعلان؟ كيف أنشر الإعلان والدعم لم يصل؟ سبع مئة ريال من سيدفعها لو لم يصلني الشيك!
وهكذا بقينا معلقين مرة أخرى، على وترٍ حساس آخر، هل هناك حفل عيد؟ هل الإدارة الجديدة بذلك الكفء؟
يوم الأربعاء، أتممت اتصالاً لمكتب الملحقية، وأجابوني أن الشيك سيصل في الغد، استبشرت.
 وصل الشيك، اودعته بنفسي ثم انجزت باقي الحجوزات، للبالونات، لعبة الأطفال، واجتمعت مع مبنى الأم يو لمناقشة ترتيب الطاولات، أرسلت إيميلاً لطلب المتطوعين والمتطوعات، صممت الإعلان، طبعه نائبي ووزّعه وحده، قمت مع مسؤول اللجنة الثقافية بالعمل على الباوربوينت الخاص بالبرزنتيشن، في ليلة واحدة. لم أتمكن من التدرب لضيق الوقت.

اجتمعت مع الفريق يوم السبت، عرضت عليهم البرنامج، الأركان، مايجب أن يحصل وافترقنا. الحفل كان يوم الأحد، منذ الصباح الباكر كنت أشطّب البرزنتيشن، الساعة الواحدة خرجت لإحضار لعبة الأطفال "النطاطة" واكتشفت أن حجمها كبير ولن تدخل في سيارتي!
اضطررت لاستئجار شاحنة يوهول مع عمي، هو ذهب لإحضار النطاطة بينما أنا ذهبت للمرور على أحد أعضاء الفريق السابق الذي يملك بعض الحاجيات. تركها لي على باب شقته، كانت ثقيلة جداً، لحسن الحظ، كان هناك من أعرفه وساعدني عليه.
كان من المفترض أن يكون فريقي قد وصل للقاعة، وبدأ بنفخ البالونات، وتعليقها على الطاولات، لكنني وصلت قبل ساعتين من الحفل، يريدون بكل برود الذهاب لشراء خيوط بيضاء وخضراء بدلاً عن الذهبية التي اشتريتها! كنت أشتعل في داخلي، كيف يسمحون لأنفسهم بإضاعة الوقت في خيوط سخيفة!
لحسن الحظ، الأغراض التي استلمتها للتو كانت تحتوي على الخيوط..
بعدها وصل عمي، أنزل النطاطة، وبدؤوا بنشرها ونفخها، كنت أنفخ البالونات مع آخرين ذكور، وأقول بأنهم ذكور لأنهم كانوا بطيئين وغير عمليين. لكننا أنجزنا المهمة في الوقت المناسب. كانت الخطة هي أن نعود للمنزل ونلبس ثياب العيد ونعود للمكان خلال ساعة، عدت أنا، لكن فريقي لم يعد.
وقد وصل الناس والمتطوعون وليس هناك من يوجههم!
قمت بتلك المهمة، وجهت المتطوعين، ورحبت بالناس..

في حفل العيد، كانت هناك مشكلة، كان من المفترض أن تكون أول ساعة للمعايدة بين الحضور، لكن الحضور جاؤوا وجلسوا على الطاولات، هكذا فقط..
بعدها تكون هناك برزنتيشن عشر دقائق للتعريف بالعيد للأجانب، وثم العشاء.
الحضور الكرام، الذين لم يقرؤا الإعلان أبداً، ظنوا بأننا غير ملتزمين بالوقت، كوننا قمنا بإلقاء البرزنتيشن بعد ساعة من الوقت. في الحقيقة، كان خياراً غير صائب من جهتي، لم أنتبه أن الحفل سيتحول لأناس ينتظرون البرزنتيشن ووقت العشاء.
كان هناك ثغرة بالتأكيد، حفل العيد حفل للاستمتاع وتغيير الجو، وكان ما قمنا به ينقصه الجانب الترفيهي فقط، كنت أرى أن جو العيد بالناس.. لذلك لم انتبه لنقطة أن الجميع ينتظر الـ"واو" منا في حفل العيد.

المشكلة الأخرى التي واجهتنا، مندي هاوس.. أخبرني أنه بحاجة لخمسة متطوعين فقط!
وحين وصل، لم يكن معه أحدٌ غيره. احتاج نقل الأغراض والاكل وترتيبها وتقديمها إلى ما يفوق العشرة أشخاص. كان هذا الجزء الذي أحبطني الأكثر، كان واضحاً بأن هذا الرجل سيءٌ في التنسيق والتنظيم، ولنقص عدد المتطوعين، خرجت بحثاً عن أي أحد، لنستطيع تقديم الطعام على الموعد المحدد.

تم تقديم الطعام، انتهت فقرة المسابقات الارتجالية. غادر الناس.. وبقي التنظيف، لم يسجل أحد للبقاء والتنظيف بقية تلك الليلة.. بقينا قرابة الساعتين.. نوزع الأطعمة، نزيل الزينة، ننظف أوساخ الحضور الذين لم يكلفوا عناء رميها في سلة المهملات، أزيل الأحجار التي قرر أحدهم نثرها على الطاولات، لعبة الاطفال التي ليس لدي سيارة لنرجعها، الأكل الزائد عن الحاجة، يا الله..

عدت للمنزل، وكنتُ مرهقة جداً، فتحت الفيسبوك، وإذا بأحدهم يذمّ الحفل في حائط حساب النادي..
لم أخبر فريقي عنه، لم أرد لهم أن يشعروا بالإحباط بعد يومٍ مُتعب، برغم التنظيم السيء الذي كان، إلا أن صفعة كهذه لم أرد أن تؤثر على معنويات أحد..

يوليو 04، 2015

لم أتخيل يوماً ما اللحظة التي سيخرب فيها جهازٌ على يديّ. فمنذ صغري والأشياء تُحافظُ على طلّتها الأولى عبر الزمن. قليلاً ما تبلو أشيائي. فجهازي التوشيبا الأول، عاش خمسة أعوامٍ قبل أن ينتهي عمر ذاكرته ويمتلئ بالفيروسات.
وهاهو جهازي الماك بوك الذي تبع رحيل الأول، يبلغ من العمر خمسة أعوامٍ الآن، وأظنه سيكملُ معي مسيرتي.
مؤخراً، في سبتمبر الماضي اشتريت الآيفون ٦، بعدما تعبت ذاكرة وبطارية الآيفون ٤أس الذي استخدمته لأربع سنوات دون أن أواجه أية مشاكل. سقت مني عدة مرات تفوق العشرة، ولم يصبه أي كسرٍ عدى عدة خدوش.
الآيفون ٦ بتصميمه الجديد، النحيف والمضغوط، سقط من يدي مرّة فتفتت شاشاته، شعرت بالأسى، فلم يحدث لي ذلك من قبل.. وبعد شهر قررت الذهاب لمتجر أبل وإصلاحه.

متجر أبل يقل على بعد ساعة ونصف من المدينة التي أسكن فيها، إلا أني ذهبت على ثقة بالنتيجة. عندما دخلت المول، وتوجهت للمتجر، اعترضني كشك صغير بجانب البوابة، يقف صغيراً أمام هيبة التفاحة المقضومة يقوم بإصلاح الشاشات المكسورة. ليتني لم ألتفت له وألم أكن فضولية لأعرف، سألته عن سعر تغيير الشاشة، وأخبرني بأنه ١٨٠ دولاراً.
قلت شكراً ومشيت، ناداني من بعد خطوتين، "إذا ذهبتِ سوف لن يُرجعوا هاتفكِ وسيطالبونكِ ب ٣٠٠ دولار سعراً للجديد!، أنا أبدل لكِ الشاشة ب١٨٠ دولاراً، في ربع ساعة أمام عينيك! اسألي وسترين"

شكرته مجدداً ودخلت المتجر، رحبّوا بي بابتسامة وسألوني عن مشكلتي، فطرحتها، وفعلاً، أخبروني بأن تغيير الشاشة يكلّف ١٠٩ دولار، ولكنهم يقومون بمسح الآيفون بجهاز يقوم بالتعرف على المشاكل الداخلية التي لا تُرى بالعين المجردة. وإذا كانت هناك مثل هذه المشاكل، فإن الآيفون لن يعمل من جديد، وسوف تدفعين ٣٠٠ دولار ونعطيكِ واحداً جديداً.
العملية كُلها تتطلب ساعة واحدة، لكن المشكلة كانت أني نسيت تحميل الصور والمعلومات من آيفوني إلى جهاز الكمبيوتر. ولكثرة الصور والمعلومات، سأحتاج دفع مبلغ إضافي لتوسعة مخزن الآي كلاود، وساعة إضافية لحفظ كل هذه المعلومات.

بدا لي العرض مكلفاً أكثر، وغبيّاً بحد ذاته، ساعتين لتبديل شاشة، ولا أعرف هل سيعود آيفوني أم سيستبدلونني بآخر، ١٠٩ أو ٣٠٠ دولار وفوقها مبلغ لأجل الآي كلاود. تعقدّ المسألة هذه وكثرة الخطوات، وصوت ذلك الرجل الموشوم يتكرر في ذاكرتي، "سيدفّعونكِ ٣٠٠ دولار قيمة جديد، بينما أنا أستطيع تبديل الشاشة في دقائق" بدا لي عرضه أكثر منطقية. بالإضافة لتكراره لجملة "إذا أصاب آيفونك عطل ولم يعمل، سأشتري لك واحداً جديداً" بالتأكيد، دعّم ذلك بقصّة ملفّقة ليقنعني ويزيد وثوقي به. وانطلت عليّ الحيلة.

وقفت أمام كشكه، وهو يبدّل شاشة لزبونة أخرى، ويتحرك ما بين الأدوات بخفّة، سألته أسئلة أضافية عن سنوات خبرته، ولفّق عليّ أنه لم يكسر ولا آيفون في مدة ممارسته لهذه المهنة وهي ١٠ سنوات. كنتُ أعرف يقيناً من داخلي بأنه يبيع نفسه عليّ، وأن كلامه غير صادقٍ تماماً، كنتُ أعرف وأقول لنفسي في تلك اللحظة ذات الكلام. لكن تلقيّ عقلي لبيانه الأول بشأن عرض أبل قبل الذهاب إليهم أثر في قراري بشأنهم، لو لم أتعرقل به في طريقي لكنت ما خرجت من المتجر إلا بعد إصلاح شاشة هاتفي فلم يكن لديّ خيارٌ آخر. لكنه بتدخّله في شؤوني أثناء سيري، فإنه عرض نفسه عليّ كخيارٍ آخر وذا مميزات تختلف عن مميزات أبل في سرعة تبديل الشاشة وعدم الحاجة للانتظار ساعة فوق الوقت لأجل الآي كلاود، وكذلك، ضمان تبديل الشاشة، وعدم الخوض في معادلة غير مضمونة، تبديل الشاشة فقط أم تبديل الجهاز.

أعطيته هاتفي ليبدل شاشته بعد أن راقبته يغير شاشة المرأة التي تقف بجانبي، واستلامها هاتفها فوراً بابتسامة وشكر. ذهبت لأتسوق في ذلك الأثناء، وعندما عدت، اعطاني الهاتف، وإذا ببصمة التشغيل لا تعمل، أخبرته بأن الزر يبدو منخفضاً أكثر من العادة، هناك أمرُ ما بهاتفي، أرجو أن تصلحه. أعاد النظر فيه، وأعاد تركيب الزر.. إلا أن المشكلة لم تُحل..
بدأت أشعر بأن أنفاسي تتصاعد بسبب توتري، فقط سلّمت هذا الرجل هاتفي سليماً إلا من الشاشة، وأعاده عليّ معطوباً!
حاول مرة أخرى، لكنه لم يتغيّر شيئ، كان يقوم بإصلاح هاتف إحداهن وقد ذهبت للتسوق، وقام متجرئاً وبدّل زرّ التشغيل الخاص بها بزرّي! سألته هل فعلت ذلك حقاً؟! قال هي لا تكترث كل ما تهتم له هو أن هاتفها يعمل!
أخبرته بأني لا أقبل بذلك، لكنه أصرّ، ولأن الزر اشتغل مجدداً فإني لم أصر أكثر مع نبرته العصبية وأسلوبه الغير مهذب بمطالبتي بالدفع، كان يجب عليّ أن لا أدفع، أو أن أعطيه مبلغاً ناقصا جراء سوء خدمته، لكنّي ضعيفة، لم أستطع أن أناقشه أكثر للخيبة التي اعترتني.

كنت أفكر في داخلي، كيف أثق بشخصٍ مثله إذا كان هذا أمراً يفعله أمام عينيّ دون خجل؟! كنت أريد أن أخبر المرأة بأنه استبدل زرّ التشغيل، هل تسمحين بذلك أم لا. لكن الوقت بدأ يداهمني، واحتجت أن أغادر قبل موعدي القادم خلال ساعة ونصف. اعتراني الشعور بالسوء، كنت أشعر بأني أخذت شيئاً دون حقّ ولم أتحدّث، وكان يجب عليّ أن أرفض ذلك الزر الملعون. كان يجب عليّ أن لا أثق بذلك الرجل الغير أمين، وكان يجب عليّ أن القبول بمعادلة المتجر، لكن ذلك لم يحدث إلا بعد أن انقشعت صورتي في تخيلاتي وأنا أعود بشاشة سليمة. لم يخطر ببالي أن زر التشغيل قد يصيبه العطب!

وأنا عائدة للمدينة، وصلني اتصال، وإذا بي لا أسمع شيئاً! اكتشفتُ متأخرة بأنه عطّب أسلاك السماعة أيضاً. وكنتُ قد بلغتُ في الطريق مسافة اللاعودة. ماهذا اليوم الذي لا توفيق فيه، ماذا فعلتُ يا الله..

بعدما وصلت المنزل بعد يوم، انتبهت بانه لم يُعد مسامير الآيفون لمكانها أيضاً! تباً له، ترك أعطاباً أكثر مما أصلح!
وبعد شهرين، بدأت ألاحظ بأن الشاشة الجديدة بدأت تخرج عن محلها، ويبدو أن صمغ الشاشة لم يكن بالقوة المطلوبة ليمسك بها في إطارها المفترض، وبصمة التشغيل لم تعد تعمل أيضاً. قمت بوضع الشريط اللاصق لتثبيت الشاشة، وتوجهت إليه بعد عدة أسابيع لإصلاحها. كان فارغاً، لم يكن حوله أحد، أخبرته بما قام بتخريبه، وبدأ يبرر لنفسه بدل الإعتذار.
أخبرني بأنه لا يملك شاشات وأن الشحنة ستأتي في اليوم اللاحق. أخبرته بأني سقتُ ساعة ونصف لأجل إصلاحها وفي النهاية.. لا نتيجة. أعاد إلي المسامير.. على الأقل.

لم أستطع الذهاب مجدداً بعدها، كنت على وشك، لكن المشوار طويل لأجل شاشة مثبتة بالشريط اللاصق، وسماعة قد تعمل وقد لا تعمل. خطر ببالي أن أقرأ مراجعات لخدماته، ولم أجد إلا الكثير من الشكاوي.. شعرت بالخيبة بأنني لم أقرأها قبل أن أدعه يلمس هاتفي. مرت ٣ أشهر، ونزل تحديث الآي أو أس الجديد، أردت تحديث الآيفون، ولكن ظهر لي خطأ ٥٣.
لم أعرف ما هو، لكني قمت بتوصيل الآيفون بالآيتونز، وتحديثه.

لم يعمل، بقي في وضع الإغماء.. بحثت في الإنترنت عن ما هية هذا الخطأ، واكتشفت بأنه نتيجة عدم تواصل زر التشغيل مع اللوحة الأم. بمعنى آخر، الجهاز انتهى. ولأن الرجل قام بتبديل زر التشغيل، فعلى الأرجح أنه لا أمل للآيفون بأن يعمل. أنني خسرت ألفيّ ريال عليه، وزيادة لأجل الشاشة. في المرة المقبلة، لن استعين بمصلحين غير المتجر الأساس، فهم لا ضمانة عنهم على العطوب اللاحقة التي تأتي بسبب خطأ بشري لا حول فيه لهم ولا قوة.


يونيو 18، 2015

تقف في طابور الصباح لتشتري الخبز،
وتحمله حارّا للحرم، تحت الشادُر الذي تلفّ به مفاتنها المتجعّدة إثر الزمن.


تجلس على الأرض، تفرد الخبز وتقطعه بيديها قطعة قطعة، توزعه على من حولها.
ثم تُبقي بعضا منه لنفسها وعائلتها.
تدخلُ لتزور السيّدة المعصومة، وتخرج لتصلي لله.
تنتهي من صلاتها، وترفع صوتها ويديها بالدّعاء، يا حضرة المعصومة، يا حضرة الإمام الرضا.. وتسألُ حاجتها.




أهكذا الطلبُ يا رب؟ تعطينا من مالها لتسألك العطاء؟
لعمري هذا المنظر أجمل وأكثر صدقاً!




August 5, 2014
قم، إيران
إننا كبشرٍ نتشابه كثيراً في حركتنا حول الله.. في علاقة حبنا له. لكن مالا نتشابه فيه هو مدى رؤيتنا في حياتنا اليومية وفي سكناتنا.
إن التأمل في خلقه لهو درجة سامية من درجات حبه والتعرف عليه. وهي هبةٌ من الله..


عندما يتدفق الحب في قلوبنا، فإنه يكون كالنهر الذي يغسل معه البغض والكره والأشياء الدفينة في دواخلنا. لأن الله خلق الكون وخلقنا من أجل حبه لمحمد، فلا علاج لأوجاعنا سوى الحب، وغيابه هو المرض عينه. هو الموت، وحتى الموت حب، حبٌ وغرقٌ في الله.


الحب ليس فقط مابين ذكرٍ وأنثى، بل هو شعورٌ فطري نحو كل شيءٍ في الكون، ودون الحب لم تنبت زهرةٌ ولم يعش كائن على هذه الأرض، فالحب غريزة، الحب حاجة، الحب عطاء، الحب نماء، الحب كونٌ آخر.


August 16, 2014
الرائحة، أكثر من مجرد رائحة، إنها ذاكرةٌ بحدّ ذاتها..


عندما أمر من بين الناس، وأشم ما يفوح منهم من روائح جذّابة أو كريهة، تعلق بقلبي وتخلق لي ذاكرة جديدة..
بعض الروائح تأسرني، وتشلّ فيّ الزمن عندما تمرّ بي، وتخلق في ذاكرتي قصصاً بها..


لكل شخصٍ رائحةٌ خاصّة، مهما لبس من العطور المصنّعة، يبقى لجسده رائحته.
مميزةٌ كبصمة، لا يُخطئها العاشقون.




لكل عطرٍ تستخدمه ذاكرةٌ في أذهان الآخرين، ولكل ذاكرةٍ رائحةٌ خاصّة..
عندما تغيب عن أحدهم لفترةٍ ما وتغيّر عطرك، وتلتقيا بعد زمن، ستحتار ذاكرته بك، وستخلقُ فصلاً جديداً له في ذاكرته..


تغيّر الرائحة إشارةٌ لاشعورية بأنك مختلفٌ بشكلٍ ما.




الرائحة التي تختارها لك، ما هي إلا ترجمةٌ لك بطريقة أخرى بدون كلمات. ستحاول بها أن تُشبه شيئا، إما شعورك الداخلي، أو شخصٌ ما..
أنت رائحتك بطريقةٍ ما مُباشِرة، ستحكيك بطريقةٍ لم تحسبها، ستجذب لك أناس وستنفّر منك آخرين..
كلٌ حسب ذوقه في اختيارك لعطرك، والبعض لحساسيتهم تجاه الكمية التي تضعها..
والآخر لقرآءته ما تترجمه الرائحة.




الرائحة وطنٌ أيضا، أو بالأحرى.. الوطنُ رائحة. لكل أرضٍ رائحة خاصّة، تعلقُ بساكنيها، والعابرين بها.
تُعلّمهم بأنهم مرّوا من هنا، قبل أن يغسلوا روائحهم مع الملابس، وتبقى الرائحة.. لا شعوريا في ذاكرتهم.








August 22, 2014




النافذة التي تُطل على الشارع،
كان يجب عليها أن تُطلع البيت على الدنيا،
لكنها أغلقت صدرها عن الضوء.
وأصبح يزورها كل يومٍ يطرق بابها،
وحتى الآن لم تفتح له عينيها.


August 28, 2014
بعض الأشخاص عندما يبدؤون بالرسم/التصوير، تكون أعمالهم مدهشة بالنسبة لعمل مبتدئ..
وهذا ليس حظ المبتدئين كما يسمّونه، فهذا الحظ الذي نراه يصيب البعض ويتخطّانا ليس حقيقيا.
بل الدهشة الناتجة من العمل هو ناتج التغذية البصرية/الفنية الي يمارسها الشخص -دون أن يشعر أحيانا- لأعمال الآخرين، فيتذوقها ويحفظ ملمسها اللّوني، وتكسچرها، وشعورها في عقله اللاوعي.
ولذلك عندما يكون شخصا يمارس الخربشة في أوقات فراغه، تكون قد تكوّنت لديه الأساسيات الجيّدة ليكون مبتدئا متطورا اكثر من المبتدئين الذين لم يتذوّقوا كما فعل هو.
فعقلنا اللاواعي يخزن هذه المعلومات، وعندما يهمّ هذا الشخص بإنتاج عملٍ حتى لو كان بعد انقطاعٍ طويل، عقله المشبّع سيكون معيناً له، ويكونُ "حظه" المبتدئ.
ومع ممارسته بعد هذا الحظ، سيُصبحُ متمرّساً محترفا، ينافس الآخرين.


هذا الحظ، ليس حظاً نزل من السماء، بل هو مكافأة ما تمارسه من تذوّقك البصري للفن.

----



الرسم/ التصوير وأي شيءٍ آخر هو مثل تعلم الكلام واللغة..


الطفل عندما يتعلم اللغة، يحتاج أن يسمعها وثم يردد الكلمات التي يسمعها، ثم يبدأ بتكوين الجمل.. والتحدث


وبمثل هذه الطريقة نتعلم الرسم/ التصوير وغيره، نحتاج أولاً أن نراها، نتغذّى بصريا، نسمع عن تجارب الآخرين، نقرأ ونشاهد عن تكنيكات متعددة.. وثم نبدأ بخط، خطين، ثم شكل، فرسم، فتظليل.. ونتدرب ونتدرب إلى أن نصبح "متمرّسين" ونبدأ بعدها رحلة الاستكشاف ومحاولة استحداث أساليب/ تكنيكات/ مدارس جديدة.


تماما كما يتمرّس ذاك الطفل بعد سنوات من اللغة، ويصبح يصيغها بين يديه ليوصل المعنى والشعور والأفكار ويُسقط قلوب الكثيرين من الدهشة.


إذاً، هي تعتمد عليك في التدرب عليها، "لا تقارن الفصل ١٢ من حياتك بفصل ٤٢ من حياة الآخرين."



#فلسفة_زهرائية_ضوئية
#إلى_أحدهم_للتشجيع
#الله_من_وراء_القصد_حسب_الطلب
#أستهبل_في_الهاشتاق

September 12, 2014

تعليقا على أمسية تراجم الشعراء : للشاعر محمد الخباز .






السيد محمد الخباز، قرأت له كتاب "سيرة وعي" التي أحببتها ولكن لا أتذكر منها شيئاً.


كان يتحدث عن الشعر القديم، وكيف أن التراجم التي نقلته عن الشعراء يشوبها بعض الغرائب، كأن يكون شاعرٌ ما متصف بالمجون ولكن لكونه شيعي وردد بيتي شعرٍ عليهم فإن هذه التراجم تنفي أو تبتعد عن صفة المجون للشاعر.
فكان يقول بأن بعض الشعراء مثل ابن الحجاج والذي كان محور الحديث، يعمل بوظيفة المحتسب (زي الهيئة) ولكن عندما نقرأ شعره فإننا نجد فيه توصيفات غير لائقة بتاتا وتنافي الأدب والحياء وفيها سُخفٌ. ولكن لكونه شيعيا، وأنشد بيتي شعر على أهل البيت، فإن كثير ممن ذكروه من العلماء في كُتبهم لم يذكروا أو نفوا عنه هذا الجانب.
مما دعى السيد محمد لطرح فكرة أن عالم المعرفة هو عالم ديموقراطي، يجب أن نفصل شخص الفرد عن نظرياته في المجتمع العلمي. لأن عدم فعل ذلك يجعلنا ننفي سيئات الشخص عنه بمجرد كونه ضمن جماعة ما ككونه شيعيا.
ولذلك يبتعد الخطباء عن ذكر أي شي عن شعر للفرزدق مثلا، ولكن كلنا نعرف أبياته في الإمام علي بن الحسين الشهيرة. وهذا نتاج تحيز، كونه أنشد الأبيات في علي ووقف بها ضد الحكومة فإن ذلك مما يُغفر له به. دون الأخذ بباقي حياته وشِعره.


وذكر أيضاً بعض الروايات التي كانت تقول عن ابن الحجاج بأن فاطمة الزهراء زارت احدهم في منامه وقالت بأن من لا يحب الحجاج فإنه ليس منّا!
وفي رواية أخرى كان الإمام علي، وثالث النبي محمد!
فقط ليحسّنوا صورته الواضحة من شعره!
تحيّز!


وقال: الحداثة، هو أن يكون المجتمعُ حرّاً. (من أي تحيّز لجانب ضد آخر، حرّ في تفكيره، حرٌّ من الدفاع أن أشخاص أو عدم التحدث عنهم خوفا من الحكومة.)


September 12, 2014


هناك فرق بين التوكل على الله حين تضيق بنا السبل بعد بذل قصارى الجهد وبين التوكل على الله بعد أن نتكاسل عن بذل الجهد في العمل، ثم نعود لله ونسأله أن يوفقنا فيه. 

هل يرضى الله يا تُرى؟
أن نلعب ونلهو ثم نأتي لله ونرفع إليه أكفّنا، أن ساعدنا يا رب على إتمام المهمة.
وهو يعلم بكل صغيرة وكبيرة فعلناها. 

الله رؤوفٌ رحيم، نعم، ولكنه الحنّان، ويريد لنا الخير، سيساعدنا في المرة الأولى، لكن إن لم نتّعظ في المرة الثانية، سيجعلنا نسقط، لتنعّظ. البعض يتمرّد على مشيئة الله لاحقا، والبعض يعود لرشده ويتمسك به أكثر..

الله لا يُحبّ الذين يسعون للراحة الدائمة، أولئك الكسولين عن العطاء، عن التفكّر والعمل لأنفسهم.
اللهُ عزيز، لا يُحبّ أقل مما تقدر عليه. يُحبّ أن يراك أن تبذل له، لذلك سيحرمك من أشياء كثيرة، لتعطيه ذاتك.


2015 ,May 6


الإنسان له القدرة على أن يعارض ويدافع عن أي رأي كان. المؤلم، أنّه يبني افتراض من رأيٍ ما، ويسير عليه خطأً. ولأن الإنسان يُحبّ نفسه، سيعتقد دائماً أنه على صواب، وأن الآخر على خطأ، ولو كان كلا الطرفان يحتويان جزءاً من الصواب والخطأ.


طبيعتنا في الجزيرة العربية تجعلنا نقسِّم كل شيء إلى قسمين، إما أبيض أو أسود، ولا نستطيع أن نرى أو نفهم أن الأبيض هو غياب الأسود، والأسود هو غياب الأبيض، وأن الأصل في كلاهما أنهما يحتويان على كلا اللونين، والإختلاف الوحيد هو نسبة كل واحد منهما.


وهكذا نحن، نرى البشر إما معنا أو ضدّنا، ولا نراهم بشراً، متفاوتين في درجة التوافق معنا، وليسوا أبيضاً وأسود.






May 5, 2015


الجمال،


ليس في مقدار الحُسن الذي يجب أن نظهر به،


قد يكون في لون عينيك الذي يسبر غورها ضوءٌ متوازن،


وزاوية الإسقاط التي تتركُ انعكاسا يذيبُ الروح دهشة.






الجمال،


قد يكونُ في التفاتتك عندما أناديك،


في رقصة شعرك أثناء الاستدارة،






في انهماكك بأمرٍ ما،


والذي يأخذُ حواسك إلى داخلك.






الجمال،


قد يكون في أنفاسك،


في ابتسامةٍ تبخلُ بها إلا على أحبتك،


في ضحكةٍ خجولة..






الجمال،


قد يكونُ في رائحتك،


في صوتك،


في لمستك،


مشيتك،


وهمهمتك،


في أحاديثك وعلمك وشخصيتك..


وكل تفاصيلك الصغيرة التي لا يُلقي لها أحدٌ بالا،


أو يسمّيها جمال.






الجمال،


ليس في بشرتك البيضاء،


ولا شعرك الحريري الناعم،


ولا عينيك العسليتين،


ولا خصرك الرشيق،


أو قامتك المتناسقة.






الجمالُ ليس هذا،


بل حالةُ حبٍ للأشياء البسيطة،


للتفاصيل التي لا يراها أحد.






🌷





July, 2014







،


فاصِلة،
تلتقطُ فيها أنفاسك المقطوعة بعد أن جرّك الماء إليه،
وغرقت لدقائق.


.


نُقطة.
تجبركَ على الوقوف على حفّة الجُرف،
بعدما كانت أنفاسك تركض.






July 17, 2014