فبراير 19، 2014

عندما أكتب كثيراً، صوتي الداخلي يعلو، تفوق اهتزازته كل الأصوات التي تحيطني، يطمس اتصالي بالأشياء. أُصبح لا أسمع إلاه. صوتي الداخلي يثرثر كثيراً لي وعنّي، يخبرني عن أشياء كثيرة أنساها سريعاً، وبعضها يلتصق بذاكرتي وأحيانا يسقط منها. بعض الأفكار تكون عميقة جداً، لدرجة أنها تعيشُ فيّ طوال اليوم، وتتسمّر في عينيّ. أغرق فيها عميقا، لدرجة عدم حواسّي بأي شيء، لا شيء. أعيش على فكرة واحدة طوال اليوم، تسلب تركيزي في الدرس، وأثناء ثرثرة الناس لي، وأثناء تصفّحي اليومي الهوسّي على شاشتي الصغيرة.
يمّر كثيرٌ من الوقت، سريعاً يمرّ، وأنا أعيش في فكرة واحدة..
صوتي الداخلي يسلب مني اللحظة الحاضرة، يسلب مني الوقت، يتأمّر عليّ، صوتي الذي يأخذني بعيداً بعيداً، بعيداً عن الناس والحواس، بعيداً بحيث يصعب عليّ أن أركز، وأذاكر بشكل متواصل، الذي أترك كل الأشياء لأجل أن أستمع له، أن أناقشه، أن أفهمه. صوتي الذي أحاول أحيانا أن أروّضه، أن أتأمر عليه، لكنه يخدعني ويجرّني إليه، أن التفت إليه لا لشيء آخر. صوتي الداخلي الأنانيّ، الذي لا يريدني إلا أن استمع له، ألا أفعل شيئا سواه. صوتي الثرثار، الذي يخبرني بأشياء كثيرة.. صوتي الذي أكتب عنه الآن، وهو لا يدري، لكنه يدري.

صوتي الذي يعلو بالكتابة، ويهدأ بالكتابة.. يعلو لأن ثرثرته أصبحت على ورق، وخرجت مني، ويبدأ ثرثرة أخرى، ويهدأ لأنه انتهى من الثرثرة عن فكرة، ليبحث عن فكرة أخرى. كأنه يلتقط الأشياء التي أمرّ عليها، وعندما أكتبها يُسقطها من وعيه. صوتّي ذكيّ، ويحب أن يحلل كثيراً، يزعجني أحيانا كثيرة، لأنه يعقدّ الأمور البسيطة، ويأخذها على محامل كثيرة لا يمكن قلبي من حملها كلها.

أريد أن يهدأ صوتي قليلا، أريدُ أن أعيش هذه اللحظة، لا الماضي ولا المستقبل. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

علّق لي ما يدور في ذهنك مهما كان،