فبراير 05، 2015

وبينما كنتُ أتصفح إحدى الصفحات، وجدت رابطاً لهذا الموقع الذي يعرض تعبيرات وجوه العزاب. http://www.buzzfeed.com/colinheasley/faces-all-single-people-will-immediately-recognize?s=mobile
ما كتب فيه هو حال العزاب الذين يبحثون عن شريك حياة، أو أن الفتاة أصبحت الوحيدة الغير مرتبطة بين رفيقاتها، وأنها تنصدم عندما تعلن صديقة أصغر منها عمراً أنه تقدّم لخطبتها شخص بينما هي مازالت تبحث عن شريكها. وختام الصفحة تلك تقول بأنه عندما يخبرها أحدٌ أنه يفتقد حياة العزوبية، تبتهج وتنسى كل ضيقها في كونها محاطة بالمتزوجين. 

فعلاً حياة العزوبية لا نظير لها، فيها من الاستقلالية والحريّة والخفّة ما يغري عن تركها للحياة الزوجية. وغير ذلك، قد تكونُ العزباء، أكثر استقراراً من الحياة الزوجية. فالإنسان إذا تزوج لن يستقر في ليلةٍ وضحاها بمجرد النوم مع شريك الحياة في سرير واحد والعيش في بيت/شقة واحدة. الحياة الزوجية تتطلب جهداً أكبر في المحافظة على التوازن والتفاهم، في حين أن حياة العزوبية تتمحور حول الأنا، حول أنا ثم أنتم، وليس أنا وهو ثم أنتم.
في المجتمع الإلكتروني تنكشف أفكار وأسارير المجتمع الذي يرتاده، وكثيراً ما أجد الأشخاص يبحثون عن حبيبة أو حبيب علناً لفترة محدودة، وكأن الحب بات سلعةً تشترى وتباع في الأوقات التي نحددها له نحن. هي بالتأكيد طريقة ذكية لملء الفراغ العاطفي الذي يحتاج لكثيرٍ من الاهتمام والغزل من الطرف الآخر، لكنها طريقةٌ رخيصة للحب في انتظار قطار الزواج المتجه للوجهة التي نريد. 
العزوبية حرية، والزوجية قيد، هذه خلاصة تفكير المجتمع الإلكتروني الذي يشتري الحُبّ رخيصاً في الفترة المحدودة، دعنا نلعب ونحب، مادمنا أحراراً. أنا هنا لست بصدد الإنتقاد، بل الثرثرة قليلا عن العزوبية، وليس الحب الرخيص. 
ومقصدي من ذكر الحب الرخيص هو لأنه سبب للبقاء بصيغة أعزب، ومسوّق كبير للعزوبية حين يتوفر بسهولة. لكن هذا لا ينفي رغبة الأعزب في الاستقرار، من الانتقال من حب إلى حب، إلى حبٍ أخير ينتهي بالزواج، أو حتى زواج بلا حب. 
حتما جميعنا نبحث عن ذاك الفراش الدافئ الذي يضمنا مع شخص آخر يقدرنا ويحبنا ونبادله ذات المشاعر، لكن إذا كانت الحياة الزوجية لا تضمن سعادة واستقرار يوازي أو يفوق الحياة العزوبية، فلِم الزواج؟ 

الصيغة التي يتحدث بها مجتمعنا منذ نعومة أظافرنا هي أننا خُلقنا لنتزوج، وإن لم نتزوج فنحن لم نحقق غرض الوجود وهدف الحياة. لأنه على ما يبدو من تصرفاتهم وأقوالهم المتغلغلة في اللاواعي الخاص بنا أننا يجب أن نسعى للزواج، وإنجاب الأطفال، وإذا ما وصلنا إلى هناك، لا أحد يهتمّ بعد ذلك، فالزواج سعادة، واستقرار، وإن لم تكن كذلك فأنت مريض. حتماً. 
ولكن الزواج بكل تأكد تجربة أخرى، نحن نعيش حياتنا فرادى حتى نقرر فتح قلوبنا وأرواحنا لنتشارك حياتنا مع شخص آخر، أليس في ذلك من القداسة ما يجعل الزواج حَدَثاً يُحتفل به بغض النظر عن كونه مؤدياً لاستقرارٍ أم لا؟ 
أن يجتمع اثنان ليستقلا ويكوّنا عائلة ذات فردين، وعندما تجتمع الظروف يدمجان بعضاً من نفسهما ليكوّنا كائنا ثالثاً هو مجموعهما؟ 
أليس في ذلك من الدهشة ما يجعل من الزواج أكثر وعداً، كون الأعزب سيظل فاقداً الشخص المكافئ الذي يهتم فيه. فكل من في هذا الكون مخلوق ليُدمج بمخلوقٍ آخر.. 
إن الحياة فرادى جميلة، لكن الحياة فرادى لنهاية العمر فاقدة للذّتها دون رفيق. الرفقة الزوجية مفطورة بداخلنا، كلنا نبحث عن نصفٍ آخر يكمّلنا. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

علّق لي ما يدور في ذهنك مهما كان،